مع بداية كل عام جديد تكثر التساؤلات بشدة، ويبدأ الموظفون في جميع القطاعات، خصوصاً القطاع الخاص، عن السؤال المهم في حياتهم العملية والوظيفية: هل هناك علاوات أو ترقيات؟ هل سيحن المدير المباشر علينا ويرفع تقريره الصحيح ويحس بحالنا؟ هل ننتظر «بونص» نهاية السنة، التي تعود لأرباح المنشآت، إن كانت من المنشآت الرابحة في العام المنتهي، عادة بما يريح البال ويرفع موازنتها ونجاح أعمالها ومعنويات موظفيها. أما الشركات والمؤسسات الخاسرة، التي كثر بها التلاعب والتجاوزات والتغاضي، تكون حسرة على موظفيها، فلا شيء مما ذكر سيكون، فبعيداً من المسؤولين الذين لا يعملون بحسب الأنظمة واللوائح، ويقيّمون الوظائف والرواتب بمزاجهم، وحتى العلاوات والترقيات تكون حكراً لهم ولأحبابهم من الموظفين المقربين إليهم، وبذلك يكون التسرب الوظيفي، فالكثير من الناس يتعب ويشقى ويعمل بجد واجتهاد وفي نهاية السنة لا شيء يذكر، وتنتهي السنة الثانية والثالثة وأيضاً مكانك سر، ما يقتل الطموح والابتكار والإخلاص في العمل لدى بعض الموظفين، الذين يبدؤون البحث عن وظيفة، وينذر بتسريب وظيفي مقبل في بعض الشركات والمؤسسات. كثيراً ما يلجأ بعض الموظفين المجتهدين إلى البحث عن وظائف جديدة يجدون فيها الراحة والراتب المناسب والمميزات التي يتطلعون إليها، بعد ما اكتسبوه من خبرة كبيرة في مجال عملهم السابق، حتى أن الموظف المتساهل والمتلاعب إذا لم يجد فرصته في هذه المنشأة سيذهب للبحث عن منشأة أخرى تناسبه وتراعي أموره، وبذلك تخسر المنشأة الكوادر المميزة والعملية فيها، وتباشر في البحث عن كوادر جديدة للعمل، وهذا مكلف جداً للمنشأة، ولكن هذه سنة الحياة، إذ تخسر تلك الشركات والمؤسسات موظفاً وكادراً مميزاً، بعد أن اكتسب الخبرات والمهارات الجيدة في عمله، بعد ذلك تبدأ هذه الجهات - التي خسرت الكثير من الكفاءات – في البحث من جديد عن شخص بالمواصفات نفسها، ولكن بعد فترة قد تستغرق عاماً أو عامين حتى تستطيع العثور على موظف لديه خبرات مميزة في مجال العمل الذي تريده، أو موظف جديد ليس لديه خبرات، وبعد تدريب هذا الكادر الجديد يرى ما رآه الموظف السابق، إذ لا علاوات ولا ترقيات ولا حوافز، وتبدأ مسيرة التسرب الوظيفي مرة أخرى. لماذا لا تحافظ هذه المنشآت على تلك الكوادر المميزة لديها؟ ولماذا نعيش في غابة القوي يأكل فيها الضعيف؟ ولماذا نخسر أناساً أثبتوا وجودهم العملي والعلمي والأخلاقي والمهني؟ لماذا لا تطبق الأنظمة واللوائح ونظام الرواتب والسلم الوظيفي في المنشآت، بحسب ما هو موضوع عليه؟ أم هو نسخة تُحفظ في الملفات وتُفتح وقت الحاجة ووقت التوزيع على الأحباب ونسيان الكوادر المناضلة. نهاية السنة الميلادية تقترب، سنسمع ونقرأ عن المنشأة «الفلانية» والمنشأة «العلانية»، حدث بها توظيف أو تسرب... وتستمر مسيرة الحياة. عبدالمحسن سلمان الهويدي – الرياض [email protected]