حاول الشعر أن يسترد وهجه ولو آنياً، في الأمسية التي نظمها نادي جدة الأدبي مساء الثلثاء الماضي، للشاعرين علي بافقيه ومحمد بن زايد الألمعي، وسط حضور من الشعراء والنقاد. وقال مدير الأمسية أحمد قران:"على الشعراء أن يصغوا إلى صوت الغياب، وأن يسموا كل الأشياء، وأن يخوضوا كل المعارك، وألا ينسوا أن الشعر لا يعرف أساساً في ما يقوله، بل بنوعية القول المختلف عن العادي وان الشعر متعة وجمال...". واستهل الأمسية الشاعر الألمعي القادم من تخوم الجنوب، وقرأ نصوصاً حضرت فيها المرأة والقرية، كما حضر الجبل والحقل، ومن قصائده هذا المقطع:"في الطريق إلى القرية الدارسةْ يفجأ القروي ملامحه إن حناء جدّته وخلاخيلها صوت أحبابها الراحلين نثار على كل باب رأت منه عشاقها ورأى منه أحلامها وقناديلها الناعسةْ". ولم يكن الألمعي على غير عادته في جودة الإلقاء ونبرة الصوت، مستعيداً ابتسامته بين لحظة وأخرى، أثناء القراءة وموحياً ببساطة الجبلي وذكائه. كما استلهم بافقيه صاحب"جلال الأشجار"و"رقيات"القادم من روابي نجد في قصائده حالات الحب وتجلياته، من دون أن ينسى من كان يعيش من الرموز الجاهليين على تلك البقعة قبل مئات السنين:"كان عروةُ يسكنُ بين القصيدةِ والسّيف َيهْجَعُ في لحظةٍ ألفَ عامٍ وألفاظه تتناسل بين الرُّمُوشِ وبينَ المقيمين في الخََََسْفِ عروةُ يَرحل معْ خاطفِ البرقِ يَهْجَعُ في وَهْجِهِ ألفَ عامْ". وحرص بافقيه على توظيف كل ما يجده لإيقاظ المتلقي وتنبيهه، من خلال الصوت وحركة اليدين والتعبير بهما. وعلى مدار ثلاث جولات ركزت القصائد الملقاة على الشكل الشعري التفعيلي، والتأكيد على وجوده وجودته من شاعرين قدما تجربتين مغايرتين، تمثل كل شاعر على حدة، وكان الشعر فيهما لا يقبل أنصاف القصائد، ما جعل الحضور يصفق غير مرة إعجاباً. وفي الختام قدّم مدير الأمسية الشاعر اللبناني علي حمام الزائر للنادي ليلقي نصاً نال استحسان الحضور، ثم كرم النادي ضيفيه.