لم تُثمر اجراءات دولية منسقة، استهدفت خفض اسعار الفائدة على العملات الرئيسية بمعدل نصف نقطة مئوية، سوى بإيقاع المزيد من الخسائر في الأسهم الدولية، واستمر المستثمرون في البحث عن ضحية كبيرة في القطاع المصرفي او غيره، في وقت لم تنجح اجراءات مالية بريطانية، اكبر حجماً من خطة الانقاذ في الولاياتالمتحدة وتضمنت شبه تأميم جزئي لبعض اكبر المصارف، في اشاعة اجواء التفاؤل في بريطانيا واوروبا وبقي اداء اسواق المال مشلولاً وسلبياً. راجع ص 16و17 إلى ذلك، يبدو أن سوق الأسهم السعودية استجابت لتطمينات نائب محافظ ساما الدكتور محمد الجاسر، التي أكد خلالها أنه لا توجد مشكلات في السيولة، ولا مخاوف على الودائع المصرفية، فيما انتقد محللون صمت هيئة سوق المال وعدم تدخلها لتخفيف الأزمة. فالسوق التي فتحت على تراجع بلغ 8 في المئة، ارتدت قبل الإغلاق بساعتين صعوداً، وقلّصت خسائرها، ليفقد المؤشر 1.5 في المئة فقط من قيمته، بعد أن نزف 17 في المئة خلال اليومين الماضيين. وقال الجاسر:"إن مؤسسة النقد تراقب السوق وتتابع التطورات بشكل مستمر ودقيق، ولديها الاستعداد لتوفير أية سيولة وبالقدر الكافي لو احتاجت السوق لذلك". وقلل من تأثير الأزمة المالية العالمية في الاقتصاد السعودي أو على المؤسسات المالية السعودية قياساً على عدم وجود استثمارات مباشرة في تلك المؤسسات المالية العالمية التي شهدت مشكلات قوية في السيولة والاستثمار. وشدد الجاسر على أن ودائع البنوك السعودية في"حرز أمين"، وأن المصارف السعودية وضعها وقاعدتها المالية وقروضها كلها موجودة في الاقتصاد السعودي، وأن المؤسسة لن تسمح بأن تتعرض وديعة في البنوك السعودية لأية مخاطر". واعتبر انخفاض سوق الأسهم رد فعل غير مبرر بالشكل والقوة التي شهدتها، وقال:"أعتقد أن مسألة العدوى التي حصلت في الأسواق العالمية الأخرى وصلت إلى أسواقنا وتأثرت بها". وانتقد اقتصاديون هيئة سوق المال لعدم تدخلها واستغلال البنود الموجودة في نظامها لحماية حقوق المستثمرين، وتحقيق مبدأ العدالة والكفاية والشفافية في التعاملات. وقال محلل مالي إن نظام الهيئة يحتوي على عدد من البنود التي تحمي المتداولين ويحق لها التدخل بتعليق السوق أو بعض الشركات العاملة به ليوم واحد في حال وجود ظروف غير تقليدية داخله، ولكنها للأسف لم تفعل. وللمرة الاولى منذ 7 سنوات، وفي خطوات تُشبه ما جرى في 18 ايلول سبتمبر 2001 اثر اعتداءات 11 ايلول في الولاياتالمتحدة، خفض مجلس الاحتياط الفيديرالي المركزي الاميركي و"البنك المركزي الاوروبي"و"بنك انكلترا"و"بنك الصين"وغيرها من المصارف المركزية في العالم سعر الاقراض نصف نقطة مئوية لحفز الاقراض، لكن الاسواق المالية بدت مقتنعة بأن القرار"متأخر ولن يعطي مفعولاً ايجابياً قبل شهور". وقال كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي أوليفيه بلانشار"ان التحرك المنسق لخفض الفائدة خطوة في الاتجاه الصحيح لكن الامر قد يتطلب خطوات أخرى مع تباطؤ الاقتصادي العالمي". وأضاف"خمسون نقطة أساس ليست شيئاً سهلاً"، مشيراً الى ان السياسة النقدية"جزء فقط من الحل، ومن الضروري اتخاذ اجراءات أخرى لمعالجة مشاكل القطاع المالي خصوصاً في أوروبا". وأبدت سوق لندن قلقاً من امكانات تعرض مؤسسات مالية كبرى في بريطانيا او غيرها في اقطار الاتحاد الاوروبي لأزمة مالية قد تؤدي بها الى الافلاس، ما دفع الحكومة البريطانية الى طرح"خطة انقاذ"يصل حجمها الى 500 بليون استرليني 880 بليون دولار للحيلولة دون انهيار احد المصارف او بعضها. ومع ان بورصة لندن استردت بعض خسائرها الصباحية اثر خفض الفوائد الا ان تقرير صندوق النقد الذي اشار الى ان الاقتصادات العالمية تواجه اكبر الازمات منذ 70 عاماً وان الاقتصادات لن تنمو كما هو متوقع قبل نهاية 2009، اعاد مؤشر بورصة لندن والبورصات الاوروبية الى الانخفاض مجدداً. وقال الصندوق الدولي ان ازمة الائتمان، التي بدأت في آب اغسطس 2007، ستؤدي الى خفض النمو الى 3.9 في المئة السنة الجارية والى 3 في المئة السنة المقبلة وفي ادنى معدل منذ 2002. وسيعني انخفاض النمو طلباً اضعف على الخام ما سيؤدي الى تراجع اسعار النفط الا اذا اتخذت منظمة"اوبك"قراراً بخفض الانتاج، خلال اجتماع تعقده في 18 الشهر المقبل. واشار الصندوق الى ان النمو الاقتصادي في الولاياتالمتحدة واوروبا واليابان وكندا لن يتجاوز 1.5 السنة الجارية وقد يتراجع الى نصف في المئة سنة 2009، ما يعني كارثة على صعيد ايجاد الوظائف والتعامل المالي والحركة التجارية والصناعية. وتوقع ان يبقى معدل نمو الاقتصاد الصيني في مستوى الريادة عند 9.3 في المئة في وقت سيبقى النمو في الدول الناشئة عند 6.3 في المئة. وقال روبرت هالفرت خبير تداول الاسهم في"بادر بنك"في فرانكفورت ان"على المصارف المركزية خفض معدلات فائدتها اكثر"، مضيفاً"لقد اهدرنا الكثير من الوقت". ورأى عدد من خبراء الاقتصاد ان قرار الفائدة ليس علاجاً ناجعاً. وقال جيل موك من"بنك اوف اميركا"ان"السوق النقدية مشلولة على اي حال". واغلقت البورصات الاوروبية امس على تراجع كبير راوح بين 5 و6 في المئة. واقفلت بورصة باريس مسجلة تراجعا لمؤشر"كاك ? 40"6.39 في المئة الى 34936.70 نقطة. واقفل مؤشر"داكس"الالماني متراجعاً 5.88 في المئة الى 5013.62 نقطة. واقفلت بورصة لندن متراجعة بنسبة 5.18 في المئة الى 4366.69 نقطة. وحتى السادسة مساء بتوقيت لندن كانت مؤشرات البورصات الاميركية حمراً وانخفض"داو جونز"231 نقطة الى 9215 نقطة وانخفض"ناسداك"41 نقطة الى 1713 نقطة. وفي الخليج واصلت اسواق المال تراجعها امس لليوم الرابع على التوالي الا ان السوق السعودية نجحت في تعويض قسم كبير من خسائرها قبيل الاغلاق تزامنا مع اعلان خفض مستويات الفائدة عالميا.