لم تجد "ماجدة" في زواجها بعد وفاة زوجها الأول الملاذ الآمن الذي بحثت عنه لأبنائها، فالغريب سابقاً وزوجها الثاني لاحقاً لم تفضله على عم أبنائها، لكن صغر سنها ورغبة أهلها في تزويجها أجبراها على القبول. وفشلت هيا القحطاني في تجربتها مع شقيق زوجها الذي وافقت عليه، بعد تهديدها بأخذ أبنائها منها، لكن الزمن كان كفيلاً بإفشاله، كونه بني على العادات والتقاليد لا على التوافق والرحمة، على حد قولها، إذ لم يعوضها عن أخلاق زوجها المتوفى. في حين تمنت لو كانت تزوجت بغيره - من غير الأقارب - فقد يكون أرحم بها. في المقابل، وجدت هيفاء في زوجها الثاني شقيق زوجها كل الحب والأمان، على رغم ترددها بداية، فهي كانت تعده مثل أخيها، وبعد زواجه منها وجدت فيه حناناً عليها وعلى أبنائها فاق ما كان يغمرهم به والدهم، على رغم وجود زوجة أخرى له. واعتبرت مريم العنزي الزواج من قريب الزوج المتوفى أسلم طريقة لتعويض الأبناء عن اليتم، إذ إن العم أو القريب سيرأف بأبناء أخيه أكثر من غيره. وقالت:"أنا لمست ذلك بزواجي من عم الأبناء، إذ حرص من بداية الزواج على إشعار أبناء أخيه بأن أباهم لم يمت". من جهته، اعتبر أستاذ الثقافة الإسلامية والأخلاقيات الطبية الدكتور خالد الشايع أن اقتران الرجل بالمرأة عبر عقد الزواج ميثاق جليل وارتباط كريم سماه الله في كتابه الكريم: وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم ميثَاقاً غَلِيظاً [النساء:21]، موضحاً أن مؤسسة الزواج ينبغي أن يكون أساسها الحب والمودة والرحمة كما قال الله تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الروم:21]، وبهذا فإن زواج الشخص من أرملة أخيه ينبغي أن يكون مبنياً على هذا الأساس حتى يكون الزواج ناجحاً، وحتى يؤدي كل من الزوجين حق الآخر دون تقصير ولا حيف. وأضاف:"ينبغي أن يدرك الشخص الذي يتزوج أرملة قريبه أن أياً من المبررات التي قد يتذرع بها، كرعاية صغار قريبه أو كفالة أرملته لا يصح بحال من الأحوال، أن يجعله يفرّط في الحقوق والواجبات التي يقتضيها عقد الزواج، سواءً أكانت مادية أم معنوية". وتابع:"لنا في نبي الهدى محمد عليه الصلاة والسلام خير أسوة، إذ تزوج من أرملة أخيه من الرضاع أبا سلمة بعد وفاته، ومع ذلك أدى لها من الحقوق مثل ما لزوجاته الأخريات، حتى في مجال التواصل العاطفي ومشاعر السكن النفسي"، مؤكداً أهمية تحقق الشخص من وفائه بالتزاماته المادية والمعنوية، حتى لا يخاطر بمشاعر تلك الأرملة وليفسح المجال لغيره.