هل هي"قطرات دم"كما يظن أهالي المنطقة الشرقية، أم"عصارة نباتية"تلك التي تُفرزها شجرة النبق العملاقة في مزرعة الغميري، في بلدة العوامية؟، فالخبراء الزراعيون، يؤكدون أنها"تحدث بسبب تغيرات فصول السنة". لكن تلك الشجرة، التي يربو عمرها على مئتي سنة، كما يؤكد القائم على المزرعة عبد رب الحسين آل ربح، باتت مقصداً للكثيرين، الذين قادهم الفضول إلى رؤية"الدم النازف من شجرة النبق، التي تسمى محلياً"الكنار". ترفع الأم طفلتها، التي لا يزيد عمرها على خمسة أعوام، كي ترى جذع الشجرة المائل إلى الأحمر القاني،"انظري إلى الدم"، تقول الأم. فتبعد الطفلة عينيها، وهي تهمس لأمها"ماما أخاف من الدم". وتملك"عين الغميري"التي توجد في الطرف الشرقي الشمالي من المزرعة، شهرة واسعة بين الكثيرين من أهالي المنطقة الشرقية، فحتى سنوات قريبة، كانت مقصداً للمقبلين على الزواج، الذين يُصرون على أن تُبلل مياهها أجسادهم قبل ليلة الزفاف، بيد أن مياهها، التي كانت تسقي عشرات المزارع في بلدة العوامية، نضبت، ولم يُعد يستحم فيها. أما المزرعة، فتحوي مئات أشجار النخيل، تتوسطها شجرة"الكنار"الضخمة، التي ألقت بأوراقها وأغصانها على المبنى القريب منها. وزُرعت منفردة في المزرعة. ويتحدث عن الشجرة القائم على المزرعة آل ربح، الذي اشترى جده المزرعة، وأوقفها للإنفاق على المساجد ومشاريع خيرية أخرى،"زرعت منذ نحو مئتي سنة، وقد حاولنا قبل سنوات أن نقطع بعض أغصانها، من أجل شذبها، وصدمنا ما رأيناه، إذ أنها تنضح دماً، فتراجعنا عن فكرة قطع الأغصان، أو استخدام أخشاب الشجرة في أغراض متعددة، ففي السابق كانوا يستعينون بجذوع الأشجار في صنع الأبواب، وغيرها من الصناعات"، مضيفاً"لاحظنا بعدها، أن جذوع الشجرة تخرج منها مادة تشبه الدم في أوقات مختلفة من السنة، وفي شكل واضح، يسترعي الانتباه، ويحضر الكثير من الناس لرؤيته". ويوضح المهندس الزراعي محمد الحجي في تصريح ل"الحياة"، الجانب العلمي لهذه الظاهرة، بالقول:"هناك بعض الأشجار تنتج عصارة نباتية بسبب تغيرات الفصول، وبخاصة بين الربيع والشتاء، إذ تسيل العصارة النباتية ذات اللون البني، أو الأحمر من هذه الأشجار، أو نتيجة تقليم الأشجار في فصلي الشتاء والخريف، إذ قد يؤدي ذلك إلى إفراز هذه العصارة"، مشيراً إلى أن"الأمر لا يقتصر على النبق، فحتى النخيل تُفرز هذه العصارة عند إزالة الكرب منها". ويقدم الحجي أيضاً أسباباً أخرى لظهور العصارة،"الحرارة الشديدة، وحاجة الأشجار إلى كميات كبيرة من المياه في هذا الفصل، يُعزز من إفراز العصارة الحمراء، كنوع من نشاط العصارة النباتية، خصوصاً إذا كانت الشجرة تحوي شقوقاً، فتكون العصارة ظاهره للعيان"، مضيفاً"رأيت هذه الظاهرة في مواقع كثيرة في المنطقة الشرقية، منها بلدة العوامية والأوجام"، مشيراً إلى أن هذه الظاهرة"لا تقتصر على الأشجار الكبيرة، أو النخيل، فشجرة اللوز قد تتلون أوراقها باللون الأحمر، وفي ما يخص اللون الأحمر أو ما يسمى"القرمزي"واللون البني في العصارة تحديداً، فالسبب يعود إلى ارتفاع عنصر الحديد في العصارة النباتية". +