برعاية خادم الحرمين..التخصصات الصحية تحتفي ب 12,591 خريجا من برامج البورد السعودي والأكاديمية الصحية 2025م    جامعة الأمير مقرن تُقيم حفلها الختامي لفعالية "هاكثون أنسنة المدينة"    فرع الموارد البشرية بالمدينة المنورة يُقيم ملتقى صُنّاع الإرادة    سبع قمم يشارك في مهرجان البحر الأحمر    الدخول الذكي يهدد نزلاء الشقق المفروشة عبر التطبيقات    هرمونات تعزز طاقة المرأة العاملة    «الداخلية» تحقق المركز الأول لأفضل فيلم توعوي لعام 2025    «متمم» يشارك في ملتقى الميزانية العامة للدولة 2026م    الأردن تتغلب على الإمارات بثنائية في كأس العرب    توتر دبلوماسي متصاعد بين موسكو وأوروبا    العفو الدولية تتهم قوات سودانية بارتكاب جرائم حرب في مخيم زمزم    الشباب والفتيات جيل يتحمل المسؤولية بثقة ونضج    مجمع بيش الثانوي يُفعّل اليوم العالمي لذوي الإعاقة    القبض على يمني في المدينة المنورة لترويجه مواد مخدرة    افتتاح متحف زايد الوطني في أبوظبي    قمة خليجية- إيطالية في البحرين لترسيخ الشراكة    السعودية والبحرين توقعان 9 مذكرات تفاهم في عدد من المجالات    الدفاع المدني يحتفي بيوم التطوع    نقاط خدمة جديدة لحافلات المدينة    ضبط مصنع في الرياض يتلاعب بأعداد المناديل الورقية داخل العبوات    منال القحطاني تعيد الحياة لطفلة في لحظة حرجة    لم يكن يعبأ بأن يلاحقه المصورون    إقحام أنفسنا معهم انتقاص لذواتنا    إثراء" يستعد لإطلاق حفل "أقرأ" الختامي في نسخته العاشرة.. الجمعة    طالبان تؤكد أن أفغانستان لا صلة لها بمهاجمة الحرس الوطني بواشنطن    مُحافظ الطائف يستقبل مدير فرع وزارة الصحة بالمحافظة    نائب أمير المنطقة الشرقية يستقبل مدير عام فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بالمنطقة ويدشّن وحدة المشاركة التطوعية    أمير الشرقية يستقبل مدير عام فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بالمنطقة ورئيس وأعضاء جمعية الرحمة الطبية    أجندة أمن ونمو.. ولي العهد يقود مشاركة المملكة في قمة الخليج    خلال معرض الطيران العام 2025 الوعلان القابضة تستعرض خدماتها المتنوعة في قطاعي الطيران والسيارات    الطلاق الصامت.. انفصال بلا أوراق يُربك الأسرة    أمير الرياض يشهد توقيع اتفاقيات بين "الموارد البشرية" وعدد من الجهات    المملكة تقفز بنسبة المناطق البحرية المحمية إلى 61.1 %    الهلال يطلب إعفاء بونو من كأس أفريقيا.. ونونيز يريد الرحيل    اندثار المواهب والحلول لإعادة اكتشافها وصقلها    مجرد (شو) !!    قبل عرضها على سبيستون    أضخم منصة عالمية للاحتفاء بالحرف اليدوية.. «الثقافية» تمثل السعودية بمعرض أرتيجانو آن فييرا    إسرائيل تتسلم «عينات رفات» رهينة من غزة    الحوثي يعدم المدنيين بتهم «مزيفة»    5.4 مليار ريال يديرها المستشار الآلي    القيادة تعزي رئيس سريلانكا في ضحايا إعصار ديتواه الذي ضرب بلاده    المملكة الثالث عالمياً في نماذج الذكاء الاصطناعي    ألقى بابنته من الشرفة لرفضها فسخ خطبتها    «الجوازات»: الهوية الرقمية لا تستخدم في عبور منفذ سلوى    جودة النظام الصحي تسبق مهارة الطبيب    شبه القراءة بالأكل    في جزيرة شورى وزيرا الرياضة والإعلام والإعلاميون.. أمرهم شورى!    ألونسو: أهمية مبابي أكبر من أهدافه    ضبط 21134 مخالفًا للإقامة والعمل وأمن الحدود    نور الرياض    منازل نجران.. تراث أصيل    السيتي ينجو من انتفاضة فولهام ويقلص الفارق مع آرسنال إلى نقطتين فقط    الجيش الألماني يعلن تعرّض شحنة ذخيرة للسرقة    3 ملايين مخطوطة تتصدر حديث ثلوثية الحميد    رجل الدولة والعلم والخلق الدكتور محمد العقلاء    "الشؤون الإسلامية" تنفذ أكثر من 47 ألف جولة رقابية في المدينة المنورة    القيادة تعزي الرئيس الإندونيسي في ضحايا الفيضانات والانزلاقات الأرضية ببلاده    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم
نشر في الحياة يوم 15 - 01 - 2008

هي حكاية بسيطة ومؤثرة، في كل مرة أذهب لمعايدته يعيدها عليّ، وكأنه يجد متعة كبيرة في إخبار الآخرين بها مرة بعد أخرى، وفي كل مرة استمع لهذه الحكاية أكتشف جوانب جديدة لم أفطن إليها في المرات السابقة.
العنوان العريض للحكاية هو أنه تعلم الفرحة في مدرسة الأيتام في الرياض، عندما كان في التاسعة من عمره، وأنه قبل ذلك الوقت لم يكن يعلم أن الفرح من المشاعر الإنسانية المتاحة، لذلك فهو ما زال يشعر بالامتنان العظيم لكل من أحسن إليه خلال إقامته في مدرسة الأيتام، وعلمه أنه على رغم فقره وجهله فله الحق في أن يشعر بالفرح من وقت لآخر... يقول:"كنا نعيش ظروفاً بالغة البؤس، فالفقر والمرض والجهل أنشبت مخالبها في كل تفاصيل حياتنا، وعندما ضاقت بنا الحياة قرر والدي إلحاقنا أنا وإخوتي بمدرسة الأيتام في الرياض".
يقول:"بدأت الرحلة سيراً على الأقدام إلى القرية المجاورة مصطحبين عنزاً لنبيعها من أجل تدبير مصاريف الرحلة، بعنا العنز ب20 ريالاً، وعندما وصلنا إلى الرياض كان كل ما تبقى من ثمنها ريالين فقط، في اليوم التالي لوصولنا التحقنا بالمدرسة، وكانت في المربع، والسكن كان في أم قبيس، وهو عبارة عن بيت طين كبير جداً، يحوي فناءً واسعاً، به غرف كثيرة تأوي كل منها نحو عشرة أطفال... كل طفل يُعطى غطاءً ومخدة، وكانت تقدم ثلاث وجبات في اليوم، وكان ذلك اكتشافاً جديداً لي، فنحن لم نعتد إلا على وجبة واحدة تقدم بعد العصر".
يستطرد: في أول يوم عندما قدم الغداء، وكان عبارة عن لحم وأرز مطبوخ بالصلصة، التي لم نعرفها من قبل، يقول:"هجمنا على الصحن وكأننا لم نأكل من قبل، وبعد أن بدأت أشعر بالامتلاء تذكرت والدتي، وتمنيت لو كانت معنا لتشعر بالشبع ولو لمرة واحدة، وكما هو متوقع أصبنا في ذلك اليوم بعسر هضم ومرضنا، وكان أمراً معتاداً مع كل الأطفال في يوم قدومهم!".
من التفاصيل التي لم أنتبه لمعناها، إلا بعد أن سمعتها مرات عدة، هو موقف الرعب الذي تعرض له بعد خروجه وحيداً من المسكن في إحدى الأمسيات، إذ قابله في أحد الشوارع الضيقة قط صغير، فتسمر في مكانه من الخوف، فللمرة الأولى في حياته يرى قطاً، ولعل انعدام القطط في المكان الذي أتى منه هو مؤشر واضح على درجة الفقر التي كانوا عليها!
يقول:"بقيت متسمراً من الرعب في مكاني، والقط ينظر إليّ غير آبه، ويبدو أن لضآلة حجمي دوراً في ذلك، وكلما بدأت في التفكير في كيفية الهروب، أصدر القط صوتاً يبث الرعب في أوصالي، واستمرت الحال حتى مر رجل وصرخ بصوت عالٍ على القط ففر مسرعاً". يضيف صاحبنا من الذكريات التي تجعل قلبه يطفح بمشاعر الحب والامتنان، هي تلك الزيارات التي كان يقوم بها الأمير طلال بن عبدالعزيز لهم، إذ كان يأخذهم قبل موعد الامتحانات النهائية في نزهة برية قرب شعيب بنبان، وكانت تلك النزهات مفعمة بأجواء السعادة والفرح، فإلى جانب وفرة الطعام كان الجميع يلهون ويلعبون ويمارسون السباحة، وفي تلك النزهات توثقت معرفتي بالفرح، وفي نهاية العام كان الأمير يزورنا ليودعنا ويعطي كل طفل ثوباً وشماغاً و20 ريالاً، كانت مبلغاً كبيراً في ذلك الوقت، فلم يكن أجر العامل اليومي يزيد على ريالين.
يقول: كنت اشتري حلوى بريال واحتفظ بالباقي لإعطائه لوالدتي، وكنت أخفي أمر النقود عن والدي، لأنه إن علم بها فسيأخذها وينفقها على وليمة يدعو إليها الأصدقاء، فالفقر بالنسبة لوالدي لم يكن سوى سبب إضافي للإصرار على الكرم، ولن أنسى ما حييت مشاعر الفرحة التي تغمرني عندما أقدم النقود لوالدتي لمعرفتي بحاجتها الماسة لها.
وبعد أن أصبحت جداً، ووفقني الله في عملي، وأصبحت من الأثرياء، فإن مشاعر الفرح تلك لا يعدلها أي شيء آخر، وما زالت تُشعرني بالبهجة في كل مرة أتذكرها، لذلك فأنا أشعر بالامتنان ما حييت للأمير طلال، فلم يكن يتوجب عليه أن يبالغ في الاهتمام والعطف علينا... كان السكن والدراسة مع ثلاث وجبات يومية، يفوق ما كنا نحلم به، ولكن الكرم والإحسان الذي تمليه تربيته هو ما جعله يقوم بكل ذلك، ولهذا السبب فإنه قيدنا بمعروفه وإحسانه إلينا، وجعلنا ندين له بالفضل ما حيينا.
ولعل مشاعر صاحبنا هي ما عبر عنها المتنبي بقوله:
وقيدت نفسي في ذراك محبة
ومن وجد الإحسان قيداً تقيداً
أو كما قال أبو الفتح البستي:
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم
فطالما استعبد الإنسان إحسان
يقول صاحبنا:"إن تجارب السنين، بحلوها ومرها، رسخت لديه مشاعر الشكر والامتنان، وأخبرته التجارب أن قيمة الإحسان الحقيقية تتجاوز حجمها المادي أو المعنوي، لأن فعل الإحسان في واقع الأمر هو بذرة خير، إذا ما صادفت تربة طيبة نبتت وأورقت وأصبحت شجرة وارفة الظلال، قيمة الإحسان الحقيقية هي في إيقاظ مشاعر الخير في النفوس، وهو بلا شك إحسان صادق أن يسعى الإنسان لجلب الخير والسعادة للآخرين من دون التفكير في كيفية تلقي التعويض المناسب..
. فما الذي يمكن للأمير طلال أن يتوقعه من إسداء المعروف لمجموعة من الأيتام والأطفال المعدمين، سوى إيقاد جذوة حب الخير في نفوسهم؟ الإحسان - كما يقال - خير مضاعف، فهو يبارك للمُعطي وكذلك للمتلقي... يقول المصطفى"صلى الله عليه وسلم":"السخي قريب من الله، قريب من الجنة، قريب من الناس"، والأمير طلال سخي بوقته وجهده، فقد نذر حياته للأعمال التطوعية ومشاريع الخير في كل مكان، وهكذا هي سيّر القادة الحقيقيين الذين يدركون أن الحياة في مجملها ليست سوى وعاء كبير لعمل الخير".
بكل صدق أقول:"نحن فخورون بالأمير طلال بن عبدالعزيز وبأمثاله، فبكم تبقى شعلة الخير متوهجة في نفوسنا، فالأجداد يذكروننا بأن اهتمامك ورعايتك للطفولة قصة حب ووفاء نادرة، بدأت بهم منذ زمن بعيد".
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.