في أول تحرك عملي غير رسمي لمواجهة ارتفاع أسعار الألبان، يبدأ المستهلكون في السعودية تحركاً جدياً ضد شركات إنتاج الألبان، احتجاجاً على الأسعار الجديدة، من خلال حملة شعبية لمقاطعة منتجات تلك الشركات بعنوان"اتركها تخيس"، تنطلق السبت المقبل. الحملة التي بدأ الترويج لها من خلال رسائل قصيرة على الجوالات والبريد الالكتروني، وتداولها مئات المستهلكين أمس، أثارت مخاوف شركات ألبان، بعد أن رفعت أسعار اللبن والحليب بأكثر من 30 في المئة. وبدت مظاهر الحملة عفوية من خلال تبادل رسائل جوال نصية بعنوان"اتركها تخيس"، تحث قارئها على ترك الألبان، كمحاولة لتسجيل موقف رافض للأسعار الجديدة التي اعتمدتها الشركات. وحددت رسالة الجوال مدة المقاطعة بستة أيام، وهي فترة صلاحية اللبن والحليب المعلب، وبالتالي سيكون يوم السبت المقبل اختباراً حقيقياً لمدى جدية المقاطعة. وتوقع مسؤول في إحدى كبريات شركات الألبان، أن تؤثر المقاطعة في مبيعاتهم. ولم يحدد المسؤول الذي رفض ذكر اسمه واسم شركته، في حديث إلى"الحياة"، حجم المقاطعة على مبيعاتهم، وإن رجح أن تكون ضعيفة، مشيراً إلى أن موسم الشتاء عادة ما يشهد انخفاضاً في المبيعات، خصوصاً الألبان بعكس الصيف، وبالتالي من الصعب توقع حجم الضرر بدقة. وأكد أن حملة المقاطعة الحالية لن تثنيهم عن قرارهم السابق برفع الأسعار، مضيفاً:"إذا زالت الأسباب التي أرغمتنا على رفع أسعار الألبان، وانخفضت كلفة الإنتاج عندها فقط سنعدل عن قرارنا". وأوضح أنه لا توجد بوادر بانخفاض تكاليف الإنتاج على المدى القريب، وبالتالي فإن الأسعار لن تنخفض. واعتبر المصدر حملة"اتركها تخيس"مجرد رد فعل سريع وانفعالي، بسبب ما يواجهه المستهلك من موجة غلاء شملت الكثير من السلع وهو غير ملام في ذلك، غير أنه أكد أن شركات الألبان تولي المستهلك اهتماماً كبيراً، مستدلاً بخفض الأسعار خلال الأعوام الماضية، نافياً استخفاف شركات الألبان بالمستهلك. وفي مشهد آخر، على سعي المستهلكين لمقاطعة شركات الألبان، لم يستغرب صاحب مزرعة لبيع الألبان الطبيعية في الأحساء محمد حسن، توافد عدد كبير من الزبائن على مزرعته أخيراً لشراء الحليب، لتنفد الكميات المخصصة لليوم في وقت قياسي، في خطوة لتحدي ارتفاع أسعار الألبان ومنتجاتها. وقال حسن ل"الحياة":"كان عدد زبائني قليلاً، وكان مقتصراً على كبار السن الذين لا يتعاملون إلا مع اللبن الطبيعي الذي لم يدخل في صناعته أية آلة، لكني أخيراً لاحظت رجوع الكثير من الناس إلى الطريقة القديمة، ويمكننا أن نقول مصائب قوم عند قوم فوائد". وتوقع أن"تتحول مزارع كثيرة إلى منتجة للألبان ومشتقاتها، لأنها ستصبح مصدر ربح كبير، وإن كان بطرق مخفية وغير نظامية، وأنا أرى أن الرجوع إلى حظيرة الماضي أمر صحي، وهي وطريقة لإيصال رسالة واضحة لشركات الألبان بأن تعاملها مع ارتفاع الأسعار سيصيبها بالخسارة لا محالة". وأشار إلى أن أسعار اللبن الطبيعي ومنتجاته تبدأ من ثلاثة ريالات، وهي لم تتغير، بعكس تذبذب الأسعار في الشركات المصنعة. ويسود شعور متباين بين المستهلكين بشأن فاعلية الحملة، وانقسموا بين فريقين، الأول مؤيد للحملة ويتوقع نتائج جيدة منها، والثاني بدا غير متفائل. ويقول عبد الإله علي الطويلب:"أصبحت حملات المقاطعة موضة سائدة، وغير مؤثرة، لأن نتائج المقاطعات السابقة لم تكن مرضية، وتبدأ بحماسة وتدريجياً تصل إلى حدود النسيان، وهذا أمر طبيعي، وسيتعامل الكثيرون مع أي سعر تفرضه أية شركة. وفي المقابل، يقول المواطن فهد الفالح إنه يجب أن يتضامن المستهلكون لمقاطعة الألبان والحليب خلال فترة الحملة، للتأثير على المنتجين، وإضعاف مبيعاتهم. وأعرب عن ثقته بأن الحملة ستؤدي إلى نتائج قوية، وقد تجبر المنتجين على التراجع عن الأسعار الجديدة. وتتزامن هذه الحملة مع محاولات وزارة التجارة لثني الشركات المنتجة عن التسعيرة الجديدة التي أغضبت الكثير من المستهلكين، الذين طالبوا في الوقت نفسه بالعودة للأسعار السابقة.