لم يعد المسلسل السعودي الشهير"طاش ما طاش"الذي عايشه السعوديون 14 عاماً خلت، مجرد مسلسل ضمن المسلسلات التي تتبارى فيها الفضائيات العربية خلال شهر الصوم، بل إنه تحول إلى طقس خاص ليس للسعوديين فحسب، بل للخليجين والعرب، خصوصاً أنه المسلسل السعودي الذي عرضت إحدى حلقاته داخل أروقة الكونغرس الأميركي. "طاش ما طاش"في دورته ال15 يأتي وقد سبقته تصريحات من صناعه والمشرفين عليه، وهي التصريحات التي تأتي، إما للتشويق وإما لتسريب بعض مقاطع العمل، وفي الحالين يكون الهدف كسب ود المشاهد. ولعل من أبرز التصريحات/ التسريبات لهذا العام هي: تسريب القائمين على العمل أنهم سيتطرقون في إحدى حلقات المسلسل إلى"الليبراليين"السعوديين في تجربة هي الأولى بعد أن تطرق لأطياف المجتمع السعودي كافة، وكان أشهرها تطرقه للتيار الديني، ولم يسلم"التكنوقراط"و?"التقليديون"، من لسعات بطلي المسلسل الثنائي السعودي ناصر القصبي وعبدالله السدحان. وكانت شخصية"الليبرالي"حضرت"على استحياء"عبر شخصية شاعر الفصحى الحداثي الذي"يقاتل"في المجتمع في ظل اهتمام الناس بالشعر النبطي الذي انجرف إليه الجميع حتى"أبو كرتونة"في قصيدته الشهيرة"ياواد قلي اش القصة". "ليبراليون ولكن"هو عنوان الحلقة التي كتبها الدكتور عبدالرحمن الوابلي، وينظر المراقبون إلى هذه الحلقة عبر أكثر من زاوية، إذ يرى بعضهم أن طاقم العمل استجاب إلى النداءات التي تطالب بعدم اقتصار النقد على تيارات معينة، والتطرق إلى البقية مثل التيار"الوسطي"المعتدل، خصوصاً الليبراليين، وسط تصنيف بطلي المسلسل على أنهما من التيار الليبرالي. ويُرجع آخرون هذا التوجه إلى تخفيف الضغط على المسلسل الذي يشهد هجوماً عنيفاً من التيار الإسلامي، وهناك تساؤلات عدة عن طريقة التناول التيار الليبرالي، إذ فُسر العنوان بأكثر من وجه، فبعضهم ذهب إلى أن مضمون الحلقة سيوجّه لإيضاح مفاهيم التيار، ووضع صورة مُجملة له في المجتمع مع التعرض لبعض معتنقي الأفكار المتطرفة ليبرالياً. وذهب آخرون إلى الخوف من تصوير"الليبرالي"في صورة"مختلفة"عن الواقع الذي يعيشه وقبوله لكل الأطياف. قراءة"طاش ما طاش"اختلفت اجتماعياً، ففئة ترى أنه عمل ناقد ذو رسالة, يحاول توظيف الكوميديا الساخرة والطرح الجريء، لعلاج بعض الظواهر الاجتماعية. خصوصاً تلك القضايا التي تعتبر في عرف بعضهم خطاً أحمر, وما يثار حوله من ضجيج فهو مؤشر نجاح له، وفقاً للمراقبين، نظراً إلى أن من طبيعة الأعمال الناجحة الجريئة التصادم مع كثير من المفاهيم التقليدية والممارسات السلبية السائدة في المجتمع. وينظر الفريق الآخر للمسلسل"الجماهيري"على أنه جولة من"حرب ليبرالية"على ثوابت ومسلمات وأعراف هذا المجتمع السعودي، مستندين إلى ما وصفوه ب"التطابق والتناسق التام"في طريقة معالجة هذا المسلسل لبعض القضايا الحساسة، كالتطرف الديني وقضايا المرأة والتعليم وقضايا"الحسبة"مع ما يطرحه الكتاب الليبراليون عبر منابر إعلامية مختلفة. المتابع ل"طاش"يرى أن دخوله دائرة الليبراليين"الخضراء"لن يواجه أي خطر، إذ لا يعرف عن تاريخ المنتمين إلى هذا التيار بأنهم يخشون النقد، خصوصاً إن كان وفق طرق حضارية، وسيرون النقد الموجه إليهم بأنه من باب الكوميديا"البيضاء". ويسود جو من الترقب في أوساط شرائح متعددة في المجتمع من أن يقتصر"طاش"هذا العام على تيار واحد، خصوصاً بعد تعرضه إلى ضربة موجعة بعد تسرب حلقة"جيمس الهيئة"التي مُنِعَتْ من البث التلفزيوني، إذ يأملون بأن"تختلط الكوميديا البيضاء والسوداء معاً".