عاماً بعد عام تزداد الاختناقات المرورية في شوارع المدن الكبرى، لدرجة أن ما كان يسمى بساعات الذروة اختفى شيئاً فشيئاً، بعد أن أصبحت كل الأوقات ذروة، ما عدا ساعات الليل المتأخرة. ما سلف لا يعني أن الازدحام وكثافة السيارات هي نفسها في كل ساعات اليوم، لكن الأكيد أن انسيابية الحركة في الشوارع باتت أكثر بطئاً. العوامل كثيرة وفي مقدمها زيادة الهجرة إلى هذه المدن بحثاً عن الوظائف التي تركزت فيها، لكن لا أريد الحديث هنا عن تلك الأسباب. ومع قدوم شهر رمضان تتضاعف الحركة المرورية، خصوصاً بعد صلاة العشاء، إذ يقصد كثيرون الأسواق لشراء مستلزماتهم استعداداً لعيد الفطر المبارك. أتساءل كما غيري: هل انعدمت الحلول لاختناقات المرورية؟ سأتحدث عن مدينة الرياض، ترى هل الحل الوحيد هو تفويج السيارات على طريقي خريص والملك فهد من طريق الخدمة إلى الطريق الرئيسي؟ نعم هذا الحل يحفظ انسيابية الطريق الرئيسي، لكنه ينقل الزحام إلى طريق الخدمة، أي أن الازدحام واقع لا محالة، والفرق هو في الموقع. شخصياً وقفت عند طريق الخدمة المجاور لتقاطع طريق خريص مع شارع العليا العام، أقول وقفت أكثر من 20 دقيقة، كل ذلك لأن سيارة مرور تحول بيني وبين الدخول إلى طريق خريص. مشكلة مثل هذه لا تحل بهذه الطريقة الارتجالية. وبما أننا في شهر رمضان دعونا نتحدث عن كثافة السيارات في لياليه. في رأيي أن أوقات الدوام الرسمية في هذا الشهر الفضيل أسهمت طيلة السنوات الماضية وهذه السنة في اختناق حركة السير، فما الذي يمنع موظفاً أو طالباً من قضاء حوائجه من بعد العشاء وحتى وقت السحور وهو يعلم أن بإمكانه النوم بعد صلاة الفجر حتى التاسعة والنصف صباحاً؟ هنا مربط الفرس، فالعملية تكاملية، لقد حولنا شهر رمضان من دون قصد من شهر للعبادة والروحانية والتقرب إلى الله، إلى شهر للتسوق والتجول والسهر في الاستراحات، وعلاوة على ذلك لم نستطع إنهاء أعمالنا وقضاء حوائجنا في ظل هذه الفوضى المرورية. أتحدث عن نفسي، لكي أنهي عملاً ما في وسط الرياض لا يستغرق عشر دقائق، فإنني أظل في سيارتي ما لا يقل عن ساعة ونصف الساعة. تخيلوا الإرهاق وضياع الوقت في ما لا نفع فيه. لماذا نجعل من رمضان شهراً مختلفاً تتغير فيه أوقات العمل وتتوقف المحال التجارية عن العمل في نهاره. نحن بفوضويتنا وتتبعنا لرغبات فئات قليلة من جعلنا كذلك، وإلا فإنه شهر كسائر الأشهر لا يختلف عنها إلا من الناحية الدينية والروحانية، ولا جدال في ذلك. تخيلوا للحظات لو أن أوقات الدوام الرسمي لم تتغير في رمضان، يبدأ الموظف والطالب يومهما تمام السابعة أو السابعة والنصف ويعود إلى منزله بعد صلاة الظهر، يأخذ بعدها قيلولة ويصحو عند صلاة العصر، يذهب حينها لقضاء حاجاته ويقضي لوازم أسرته، وبعد صلاة العشاء والتراويح تكفيه ساعة أو ساعتين لإنهاء ما تبقى من أعماله أو لزيارة بعض الأقارب. حينذاك حتماً لن يأتي منتصف الليل إلا وهو في سريره استعداداً ليوم عمل آخر، أي أن جدوله اليومي لا يختلف عمَّا قبل رمضان. لو طبق هذا الأمر، هل سنرى كل تلك السيارات في ليالي رمضان؟ أترك الإجابة وهي واضحة. من هذا المنبر الإعلامي آمل من المسؤولين في الجهات ذات العلاقة وبدءاً من رمضان المقبل تثبيت ساعات الدوام الرسمي، بحيث لا تتغير عن بقية الأشهر. ولعل ذلك يكون حلاً من ضمن مجموعة حلول لتلافي أو لتقليل الاختناقات المرورية التي ما زالت في ازدياد مستمر حتى الآن. كما أتمنى من المسؤولين في الإدارة العامة للمرور البحث عن حلول أخرى غير إغلاق المنافذ، فهي تزيد المشكلة تعقيداً. هشام السنان - الرياض