رمضان شهر المحبة والرحمة، شهر تفيض فيه النعم والمكارم، شهر عظيم فضله الله على سائر الشهور بأن أنزل الله فيه القرآن هدى ورحمة لعباده. يبتهج المسلمون بقدومه وتتآلف القلوب في رحابه، فلشهر رمضان روحانيته وقدسيته، وله في قلوب المسلمين وأفئدتهم مكانة وجلال. فهل نعجب من أن يكون لكل شعب في هذه الأمة عاداتها وتقاليدها في الاحتفال والتغني بمقدمه، ولو بحثنا في تراث الشعوب وتاريخها الاجتماعي لوجدنا ما تتميز به كل أمة، بأهازيجها وأناشيدها التي يستقبل بها فيها شهر رمضان وتحتفي ابتهاجاً بقدومه، وقد هاجهم شوق وحنين لرؤية هلال لياليه وصيام أيامه المباركة. والشعراء، هم لسان حال الشعوب والقلوب النابضة بمشاعرهم وبما يختلج في النفوس المؤمنة من توق لموسم العبادات وخشوع وابتهال إلى الله في تجلٍ روحي وعبق إيماني، لذلك جاء ذكر رمضان بلغة الشعر وأحاسيس الشعراء صادقاً ومؤثراً، يحرك المشاعر ويهيج الأشجان يقول الشاعر المصري محمود حسن إسماعيل: أضيف أنت حل على الأنام وأقسم أن يحيا بالصيام قطعت الدهر أنواراً وفيا يعود مزاره في كل عام نسخت شعائر الضيفان لما قنعت من الضيافة بالمقام ويقول أحد الشعراء القدامى مرحباً بهلال رمضان: قلت والناس يرقبون هلالاً يشبه الصب من نحافة جسمه من يكن صائماً فذا رمضان خط بالنور للورى اسمه أما الشاعر السعودي الأستاذ محمد حسن فقي فيقول: قالوا بأنك قادم فتهللت بالبشر أوجهنا وبالخيلاء لم لا نتيه مع الهيام ونزدهي بجلال أيام ووحي سماء ولما كانت عودة هذا الشهر الكريم عزيزة، ومناسبة قدومه تحرك في النفوس مشاعرها وأشجانها وتتداعى في الأخيلة مباهج ومصارع الذكريات، مستثيرة أحاسيسهم وموقدة خواطرهم، متأملين أحوالهم، بعد أن بدل الله أحوال العباد من حال إلى حال، وقد حضرت وجوه وغابت عن المجالس وجوه، فرمضان يعود ! لكن من على الأرض عند عودته، يكون البعض منهم غائبين، وهو ما يذكرنا به الشاعر الدكتور عبدالرحمن العشماوي الذي تذكر غياب أمه وهو يستقبل رمضان، فقال: أقبل الصوم، ليت أمي الحبيبة من مدى قبلة الجبين قريبة ليت أمي مكانها كل عام تتلقى شهر الهدى مستجيبة ليتها في مكانها كل عام تتلقى شروقه وغروبه أما الشاعر أيمن كمال فيستقبل رمضان بدائه وبكائه، فيقول: بك لا بغيرك علتي وشقائي واليك أبعث بسمتي وبكائي ألقاك في شغف لأن لقاءنا لا شك يمحو ? إن لقيتك - دائي ألقاك والآمال تحمل مهجتي لسحائب الآلام في حماه ولائي تأتي وترحل والنفوس كأنها قيعان رمل ما احتفت بالماء لا شك أن لرمضان فضائل عظيمة وخيرات كثيرة تعم على المسلم، إذ يجد في رمضان ما لا يجده في غيره من نعم لا تنقطع وعبادات وصلوات هي له رياضة للنفس والبدن، وصفاء وطهارة من الذنوب والخطايا، وعصمة من الفتن، وفي هذا قول الشاعر: فيه التراويح المضيئة مسبح للقلب للإيمان يعمر مرفقا ساعاته عمر الزمان مليئة بالذكر حيث العمر عاد محلقا 3 ولشاعر آخر قوله : رمضان بالحسنات كفك تزخر والكون في لألاء حسنك مبحر أقبلت رحمى فالسماء مشاعل والأرض فجر من جبينك مسفر هتفت لمقدمك النفوس وأسرعت من حوبها بدموعها تستغفر إلا أن البعض لا يرى في رمضان إلا موسماً للأكل والشرب، والفرق بونه شاسع بين من يصوم لينتظر نهاية النهار في شوق ليملأ بطنه، وبين من هو صائم وفمه يستطعم الجنة: وعلى فمي طعم أحس بأنه من طعم تلك الجنة الخضراء لا طعم دنيانا فليس بوسعها تقديم هذا الطعم للخلفاء وللذين يسرفون في طعامهم بعد صيامهم، يقول الشاعر معروف الرصافي: وأغبى العالمين فتى أكول لفطنته ببطنته انهزام ولو أني استطعت صيام دهري لصمت وكان ديدني الصيام أما الذين صامت أفواههم وبطونهم عن الطعام والشراب، ولم تصم جوارحهم وأفئدتهم عن محارم الله، وكان نصيبهم من الصيام جوعهم وعطشهم، يقول لهم أمير الشعر أحمد شوقي: يا مديم الصوم في الشهر الكريم صم عن الغيبة يوماً والنميم