بعد انقضاء الأيام العشرة الأولى من شهر رمضان، التي مرت سريعاً كعادة أيام الشهر الفضيل التي ينتظره المسلمون بشوق في كل أرجاء المعمورة. وإذا كان المسلمون يتنافسون في التقرب إلى الله بزيادة الطاعات وأعمال الخير في هذه الأيام كما في بقية أيام الشهر، فإن العشرة الأولى تبقى ايضاً موسماً لأصحاب المهن في زيادة كسبهم، لاسيما مع ازدهار الحركة التجارية في كل أشكالها. إلا أن العشرة الأولى من رمضان سجلت تراجعاً كبيراً في مداخيل"الكدادة"الذين يستخدمون سياراتهم الخاصة وسيلة لنقل الركاب، خصوصاً"كدادة المطار"كما يطلق عليهم، الذين يعتمدون بشكل كبير على المسافرين القادمين إلى الرياض. وبحسب عدد من"الكدادة"الذين تحدثت إليهم"الحياة"فإنهم يعتمدون بشكل رئيسي في عملهم اليومي على القادمين إلى مطار الرياض من مختلف مدن السعودية أو من خارجها، إذ يشكل المقيمون الغالبية في نسبة زبائنهم. وقال"الكداد"ماجد الحربي:"على رغم كثافة الرحلات في العشرة الأوائل من رمضان، إلى أن نسبة المغادرين فاقت بكثير نسبة القادمين في مطار الملك خالد الدولي، وكثيراً ما يكون أعداد المسافرين في الرحلات القادمة إلى الرياض بسيطاً، وهو ما انعكس سلبياً على عملنا المرتبط بالقادمين إلى العاصمة". ولفت الحربي إلى أن دوامه كطالب في الجامعة لا يمنحه الكثير من الوقت للانتظار عند بوابة القدوم في المطار. وبدوره لم يحقق محمد العنزي المردود الذي اعتاد عليه من خلال كده في العشرة الأولى من رمضان، وقال:"على عكس سيارات الأجرة التي تقف أمام بوابة القدوم في المطار، نحتاج إلى دخول القاعة وإقناع القادمين بإيصالهم، وبالنسبة لنا فإن إقناع المقيمين أسهل بكثير، إلا أن عدد المقيمين القادمين في العشرة الأوائل تراجع بشكل كبير، إذ يفضل غالبيتهم قضاء شهر رمضان مع ذويهم في بلادهم، ونأمل أن نعوض خسائرنا في العشرة الأواخر من الشهر". وبينما استسلم عدد من"الكدادة"إلى ركود أعمالهم خلال هذه الفترة، فضل آخرون تغيير مسار كدهم من المطار، إلى حي البطحاء، حيث يصطف عشرات الكدادة الذين يقومون بنقل ركابهم إلى المدن الأخرى كما هو الحال بالنسبة لسعيد أحمد الذي يعتبر"الكد"مصدر دخله الوحيد، وقال:"بالنسبة لنا تعتبر العشر الأوائل موسم ركود كل عام، إذ بينما يسافر البعض لقضاء الشهرة خارج حدود الوطن، يفضل آخرون التوجه إلى مكة المكرة والمدينة لقضاء الشهر بجوار الحرم المكي والمسجد النبوي، ويتجه كذلك آخرون إلى مدينة جدة، وهو ماجعلني أهجر المطار في العشرة الأولى، وأتوجه إلى البطحاء، لنقل الراغبين في السفر براً إلى مكة أو المدينة، بينما أحول مساري إلى المنطقة الشرقية والمحافظات التابعة للرياض، أو مدينة جدة"، وينطبق الأمر أيضاً على صالح بن علي، الذي على رغم تذمره من حدة المنافسة في البطحاء، إلا أنه اعتبر المنافسة أفضل من الاستسلام إلى الركود، وقال:"أتجه إلى البطحاء من دون تحديد أية وجهة، وبحسب وجهة أول ثلاثة أو أربعة ركاب أقابلهم أحدد مساري، وأحياناً لا أستطيع مشاركة أهلي طعام الإفطار، إذ أحياناً تكون المسافة في اتجاه رحلتي طويلة"، ومن بين الطرائف التي صادفت صالح بن علي خلال العشرة الأولى، قال:"وصلت إلى البطحاء لأجد أربعة من المقيمين يتنقلون بين السيارات والباصات الموجودة في الحي، وكان يبدو عليهم بعض الاستياء، وبعد سؤالي لهم عن وجهتهم، أخبروني أنهم يرغبون في التوجه إلى سورية، واتفقت معهم أن أنقلهم إلى القريات، ولولا ارتباطات عائلية لكنت نقلتهم إلى سورية".