تنتظر العائلات السعودية والمقيمة في البلاد سنوياً موسم العودة إلى المدارس، والاحتفاء بعودة أكثر من 4.5 ملايين طالب وطالبة إلى مقاعدهم الدراسية، من خلال ارتياد محال المواد القرطاسية لتجهيز حقائب أبنائهم، وتوفير لوازمهم من الأقلام والدفاتر وغيرها من مستلزمات الدراسة، إضافة إلى الملابس والأزياء المدرسية. وإذا كان السعوديون تعودوا في السابق على"تدليل"أبنائهم من خلال شراء بعض الكماليات، في محاولة لترغيب الأبناء في العودة إلى المدرسة، فإنهم"ربما"سيوقفون هذه العادة نزولاً عند رغبة الارتفاع المتصاعد لأسعار مختلف السلع، إضافة إلى تزامن العودة إلى المدارس هذا العام مع حلول شهر رمضان، وهو الشهر الذي يرتفع فيه استهلاك السعوديين وتزداد خلاله مشترياتهم. وبدأت محال بيع المواد القرطاسية ومستلزمات العودة إلى المدارس الاستعداد لإغراء المتسوقين في وقت باكر، كما هي عادتها في كل عام، وذلك من خلال عرض طرق مبتكرة لبضائعهم تتناسب ورغبات التلاميذ في محاولة لإقناعهم بالشراء. ولعل إقبال الأهالي على الشراء حفّز التجار، في ظل عدم وجود رقابة محكمة عليهم، إلى رفع الأسعار تماشياً مع موجة"الارتفاعات"التي طاولت الأرز والفول والبن، وغيرها من المنتجات التي يستهلكها المواطن السعودي بكميات كبيرة. وتشكل عودة أكثر من 4.5 ملايين من الطلاب والطالبات إلى مقاعد الدراسة ظاهرة اقتصادية واجتماعية كبيرة بكل المعايير، نظراً لما يقترن بها من متطلبات واستعدادات على الأصعدة كافة، تقتضي نشوة سوق نشطة تلبي حاجات هذا الإعداد من المتسوقين.وتتميز السوق السعودية بحركة تجارية نشطة ومتنامية، وهي تعد بحق أكبر وأنشط الأسواق في منطقة الشرق الأوسط، ومن أبرز أسباب هذا النشاط والحركة المتميزة لهذه السوق تفاعلها المستمر والمتواصل مع المجتمع ومتطلباته، وحرصها الدائم على إشباع رغباته وحاجاته الاستهلاكية المتعددة والمتنوعة والمتغيرة. ويبرز تفاعل السوق السعودية جلياً مع مجتمع المستهلكين في ما تقدمه وما تعيشه أثناء المواسم والمناسبات التي تزخر بها الحياة الاجتماعية على مدار العام، فنجد أن معظم الشركات والمؤسسات والمحال التجارية ذات العلاقة تحرص على الحضور القوي والمخطط خلال هذه المواسم بحسب اختصاصاتها ونشاطاتها المختلفة. وتقوم الأسرة مع بدء العام الدراسي بمهمة حيوية لتوفير المستلزمات الدراسية كافة، وهذا يعني صرف مبالغ هائلة، ويتضاعف الإنفاق المادي مع وجود أبناء عدة في الأسرة الواحدة. يقول عبدالله الأحمري:"إنني كأحد أولياء الأمور أجد صعوبة في تلبية حاجات الأبناء والبنات لبداية العام الدراسي، خصوصاً إذا لجأ التجار وأصحاب المكتبات إلى استغلال هذه الفرصة برفع الأسعار وإحراجنا أمامهم"، مطالباً المسؤولين في وزارة التجارة بتكثيف تواجد مندوبيها في الأسواق، والحد من التلاعب بالأسعار، ومعاقبة كل من يستغل هذه المناسبة. من جانبه، يقول عبدالكريم طاهر:"على رغم حرصنا على توفير هذه الحاجات قبل بدء العام الدراسي هروباً من الزحام، نجد أبناءنا وبناتنا يطالبون مع أول يوم دراسي بتوفير نوعيات أخرى من المستلزمات بناء على رغبة المعلمين والمعلمات، الذين يطالبون نوعيات متميزة تسبب لنا إرهاقاً شديداً وتعيدنا إلى دوامة الأسواق المزدحمة من جديد". وتقول المعلمة هيفاء محروس:"إن المتطلبات المكتبية شيء ضروري لممارسة العملية التعليمية والثقافية على أكمل وجه، وقد يكمن السبب الرئيس وراء ارتفاع الأسعار من قبل أصحاب المكتبات هو هذا التوافد المكثف من قبل الجميع لشراء الأدوات المدرسية والمكتبية في آن واحد، ما يضع أولياء الأمور من أصحاب الدخل المحدود أمام مشكلة مادية صعبة، وذلك في كيفية توفير ثمن الطلبات الدراسية الباهظة، خصوصاً إذا كان لديهم العديد من الأبناء ممن يدرسون في مراحل تعليمية مختلفة". وتقترح محروس على هذه الفئة من الناس أن تقوم بتوفير حاجات الأبناء بالتدريج أثناء الإجازة الصيفية قبل الزحام، مشيرة إلى أن هذه الطريقة ستوفر عليهم الأرباح التي قد يجنيها بعض تجار المكتبات في حال الزحام، وبالتالي يجعلهم يتخلصون من عبء النفقات التي قد تتكاثر عليهم مرة واحدة. وتقول السيدة عبير ملا:"أجد أن السبب الرئيس في ارتفاع الأسعار الأسر نفسها، فهي لا تعير الاستعداد لبداية العام الدراسي أي اهتمام، وعند انتهاء الإجازة وقبل بدء الدراسة بأيام وربما ساعات معدودة ينهالون سوية على شراء الأدوات المدرسية والحقائب وغيرها". وتضيف:"أود أن أذكر تجربتي الناجحة في هذا المجال، فأنا أم لأربعة أبناء وجميعهم في المرحلة الابتدائية، وهذا يتطلب مني شراء الكثير من المستلزمات المدرسية، وحتى أتفادى ارتفاع الأسعار اشتريت كل ما يلزمهم من أدوات الدراسة وحقائب المدرسة منذ أكثر من شهر، هذا بالإضافة إلى تفصيل مراييل البنات، لأن محال الخياطة تعمد إلى رفع الأسعار قبل بدء الدراسة بأيام". من جانبه، أكد مدير فرع وزارة التجارة في منطقة المدينة الدكتور خالد قمقمجي، أنه لا داعي للقلق لتلبية حاجات الطلاب والطالبات من المستلزمات المدرسية، إذ تتوفر في الأسواق كميات كبيرة من المستلزمات، وبنوعيات مختلفة، وبأسعار ترضي الجميع وتلبي جميع الرغبات. ودعا قمقمجي المواطنين إلى المبادرة باكراً لتلبية حاجاتهم من الأسواق قبل بدء العام الدراسي، حتى يبتعدوا عن الزحام الذي يحدث سنوياً في الأسواق والمكتبات لشراء حاجات الأبناء والبنات.وطالب التجار وأصحاب المكتبات بعدم استغلال هذه الفرصة برفع الأسعار، مؤكداً أن فرع التجارة بمنطقة المدينة سيتابع الوضع للحد من هذه الظاهرة، معرباً عن ثقته بالتجار، وأنهم لن يقدموا على مثل هذه الأساليب الاستغلالية رحمة بإخوانهم المواطنين. أما المدير العام للتربية والتعليم بمنطقة المدينة الدكتور بهجت محمود جنيد، فقدم التهاني للطلاب والطالبات وللأسر كافة بمناسبة العام الدراسي الجديد. وأكد جنيد أهمية التنظيم والاستعداد لهذه المناسبة باكراً، بعيداً من الزحام الذي تشهده الأسواق مع بدء العام الدراسي الجديد لتأمين حاجات الأبناء والبنات من المستلزمات الدراسية.