تختلف الضغوط التي تعاني منها المرأة في مجتمعنا من خلال حياتها اليومية داخل منزلها وأثناء وجودها في عملها، والبيئة المحيطة لا تساعدها بحكم نظرة الآخرين لها على أنها دائماً تحتاج إلى وصاية الرجل، إن المرأة بشر مثل أي بشر، وجزء لا يمكن الاستغناء عنه من الإنسانية، ويجب أن تعامل على هذا الأساس وأن تعطى حقوقها كاملة التي كفلها لها الشرع وأكد عليها ديننا الحنيف، فهي الابنة والأخت والزوجة والأم. أكد الاختصاصي النفسي وليد الزهراني، أن الأمراض النفسية أكثر انتشاراً لدى النساء عنها لدى الرجال،"يحتل الاكتئاب الصدارة بين الأمراض النفسية، وهناك أيضاً الوسواس القهري والإرهاب الاجتماعي والخوف والتوتر بجميع أنواعه، وأضاف: أن مرتادي العيادة النفسية من النساء تتراوح أعمارهن بين 22 - 45 سنة. وأشار الزهراني إلى أن أهم الأسباب التي تدفع المرأة إلى الضغوط النفسية هي عدم الاستقرار العاطفي داخل الأسرة والملل والإهمال، وعدم الاعتراف بحقوقها والمشكلات الأسرية وغياب الوازع الديني وعدم الوعي بالأمور الدينية والآيات القرآنية، فهناك"النفس اللوامة"و"النفس الأمارة بالسوء". ووصف الزهراني المجتمع الشرقي بأنه"من أكثر المجتمعات افتقاراً للشعور العاطفي، وأرجع الأسباب إلى أن البداية تكون من النشأة الأسرية في الصغر، حيث يغفل الآباء عن إشباع الطفل عاطفياً في بدايات عمره، إذ تشكل هذه المرحلة أولى المراحل التي تشبع فيها العاطفة عند الطفل، إلا أن الحرمان يولّد جوعاً عاطفياً حتى الكبر، ولذلك تتعرض الطفلة فور بلوغها إلى ضغوط تستمر معها طوال حياتها، إذ لم تشبع لديها العاطفة منذ الصغر، إلى جانب أن كثيراً من الأمهات يبتعدن عن بناتهن فترة البلوغ ويصبح دورهن رقابياً أكثر منه توعوياً وعاطفياً، فالبنت إن وجدت الإشباع العاطفي والحنان والاحتواء في هذه المرحلة لن تتعرض لأي ضغوط نفسية مستقبلية". وشدد على ضرورة الوفاء بحقوق المرأة، إذ لا يوجد لها متنفس أو نشاطات يومية تقوم بها لتفرغ طاقاتها، إضافة إلى التعامل معها ببرود من دون مراعاة لشعورها". يقول الزهراني:"إن الزوج أحد الأسباب في ذلك، فهو الأساس الذي تستمد منه الزوجة العطاء، وتعرض الزوجة للضرب أو التحقير من زوجها يزيد من معاناتها النفسية، وإن نسبة الاكتئاب عند المرأة المتزوجة أكثر منه عند المرأة غير المتزوجة، وفي عيادة برنامج تأهيل ما قبل الزواج يتم التعرف على كيفية التعامل بين الزوجين، والثقافة الجنسية بينهما، وحل المشكلات المستقبلية والنفسية قبل الزواج". واستطرد:"من هنا يبدأ الوعي بين المقبلين على الزواج والتعرف على مدى أهمية الحياة الأسرية، لأن هناك من يتردد على العيادة من المشكلات التي تحدث بعد الزواج وتصل نسبتها إلى 70 في المئة". وشدد وليد الزهراني على أنه يجب أن تهتم المناهج التعليمية بمرحلتي الوعي والنضج المتوسطة والثانوية بالصحة النفسية وتقدم مادة تهتم بالتربية النفسية، من دون اللجوء إلى دورات لتعلم الحوار وفن اللقاء وغيرها من الدورات النفسية ليكون لديهم الوعي الكافي قبل الزواج. ولفت الزهراني إلى أنه،"بدلاً من المشرفة الاجتماعية في المدارس، من الأفضل وجود اختصاصية نفسية ليكون بناء شخصية المراهقة على أساس سليم، والأفضل من ذلك أن يكون هناك مركز اجتماعي ونفسي في كل حي، ويعقد أسبوعياً اجتماعاً للأهالي لتثقيفهم". كما حث الزهراني على"زيارة العيادات النفسية بشكل دوري كل ستة أشهر لبناء الأهداف وتوفير الحب والحنان والاحتواء بين أفراد العائلة، كما أن التغيرات الاجتماعية والفضائيات تُعدان سبباً مساعداً في انتشار الأمراض النفسية، لأنه في بعض الأحيان هناك تشخيص خاطئ، ما يؤثر على المستمع أو المشاهد ويزيد من حالته النفسية لعدم الثقافة الكافية وخطوات علاجية خاطئة". وأكد أن"الأمراض النفسية تسبب للمرأة أعراضاً لا يحمد عقباها، لأنها أحد أسباب تأخر الدورة الشهرية وتصاحبها آلام شديدة لا تستطيع تحملها، وللأمراض النفسية أيضاً مخاطرها على المرأة الحامل والولادة، فكثرة الضغوط على المرأة قد تسبب الإجهاض وعسر الولادة، ما قد يخضعها لولادة قيصرية، وقد تحدث مشكلات أخرى قد تؤثر على حالة الجنين، إذ ربما يصاب المولود بتخلف عقلي أو مرض التوحد أثناء الولادة. وأشار الزهراني إلى أن"المرض النفسي ينقسم إلى قسمين"قسم يحتاج إلى تدخل علاجي، وآخر إلى جلسات فقط، وتكون آلية الشق العلاجي عبارة عن جلسات نفسية مع الطبيب لإفراغ ما في داخله، أما القسم الثاني فبالتنويم الإيحائي، ومعناه التعامل مع العقل الباطن وتجميع مواقفه المؤلمة ليعبر عنها إما بالكلام أو التنفس الشهيق والزفير، ويجب أن يقتنع المريض أن هناك أموراً يجب اتباعها كالعبارات الآتية: هو ومعناها ألا يمشي خلف الحاجات والغرائز المدمرة، و"الأنا"هو العقل والاتزان، و"الأنا الأعلى"وهي المثالية في الأمور والسعي نحو الكمال، لذلك يجب التعامل مع النفس باعتدال.