استنكر عدد من المواطنين منظراً تكرر من دون أن يكون لأصحاب الشأن دورٌ في كفّه، ولو من الناحية الإنسانية قبل المهنية. قيام بعض الرعاة باستخدام حشائش المقابر لتغذية أغنامهم، ما يسترعي انتباه كل من يمر بجانب هذه المقابر. في حين غابت عين المسؤول عن ردع هؤلاء الرعاة واتخاذ ما يلزم حيالهم، ولو من منطلق إكرام الموتى في مثواهم الأخير. لتتوارى الموعظة، ويصبح التكرار دليل عدم اكتراث من هؤلاء المتعدين على حرمة أهل البرزخ. يتلخص ما يحدث في أن بعض الرعاة جعلوا من المقابر أرضاً خصبة ترتع فيها مواشيهم، غافلين أو مُغفلين الحسَّ الإنساني تجاه الموتى. ويرى أحد رعاة المواشي في المقابر رفض الإفصاح عن اسمه أنه يقوم برعي أغنامه في زاوية من زوايا المقبرة، ولكن بعيداً عن قبور الموتى، ثم تساءل:"أليست الأغنام كائناتٍ حية تحتاج إلى غذاءٍ دائم لتعيش؟ أليس من واجبنا العطف عليها وإطعامها؟"، مبيناً أنه رجلٌ مُسنٌ وعاجز، ولا يملك دخلاً ثابتاً، ومهمته إطعام مواشيه، ومن السهل عليه إطعامها من أماكن الحشائش القريبة من الحي. ويرجع المواطن إبراهيم شاذلي أسباب هذه الظاهرة إلى غياب التوعية لمثل هؤلاء الرعاة، وأن صمت المتعلمين في الحي الذين يشاهدون تكرار هذا الموقف من دون تدخل، ولو بنصيحة، يُسهم بشكلٍ كبير في ممارسته على الدوام، كما أن عدم تسوير المقابر سبب أساسي في ما يحصل من رعي داخل المقابر. وفي السياق ذاته، يقول رعد جبران أبوعلة:"هذا الأسلوب غير حضاري، ويتضح من القائمين بهذا التصرف عدم احترام الموتى، ومن الواجب توعيتهم، فإن لم يستجيبوا اتُخذت بحقهم العقوبة لكفِّهم عن ذلك، وردعاً لأمثالهم، لأن ما يقومون به لا يرتضيه مسلم". ويؤكد محمد خرد بقوله:"إن واجباً دينياً هو احترام الموتى، ودافعاً وطنياً هو التوعية، دفعاني لأن أنصح أحد الرعاة، الذي فاجأني بعبارة:"ما دخلك أنت؟ فأجبته: لو كان لك شخص تغطيه هذه الأتربة هل ترضى أن تمر من فوقه المواشي؟ ليرد: أنا أرعى أغنامي بعيداً عن القبور، في حين أن إحدى أغنامه انطلقت هناك والأخرى ركضت إلى مكانٍ آخر". أما زكريا مني فأرجع السبب إلى غياب الرقابة، وترك أبواب المقابر مفتوحة، في ظل ممارسة هذا السلوك المستنكر. ويضيف زكريا:"عدم تسوير المقابر لا يؤدي فقط إلى رعي الأغنام فيها، بل يؤدي إلى تحويل مقابر الموتى إلى ملاجئ لمجهولي الهوية، وهذا ما نلحظه في مقابرنا، كما نودُّ أن نوجه رسالة إلى بلدية أبي عريش بخصوص الاهتمام بالمقابر وتسويرها والحفاظ عليها". رئيس بلدية أبي عريش المهندس عبدالله الحربي أوضح ل?"الحياة"، أن العمل جار لتلافي ما يقوم به الرعاة، وقامت البلدية بتسوير مقابر المدينة، ويجرى استكمال بقية مقابر القرى المرتبطة بالبلدية، عبر القيام بصيانة للمقابر التي توجد فيها بعض التلفيات جراء العبث بها. كما تقوم لجنة الإصحاح البيئي بجهود كبيرة في الرفع من وعي المواطنين في ما يخص هذه الظاهرة، وجار العمل مع الجهات المعنية لمواصلة الجهود، والوصول إلى الهدف المنشود.