لفت انتباهي وأنا أطالع الصحف اليومية، العناوين المثيرة حول خبر الطالب الكوري الذي ارتكب مجزرة جامعة فرجينيا تك، في الولاياتالمتحدة الأميركية، على رغم أن القضية ليست أكبر من قضايا أمتنا المهولة في كل حدب وصوب، ولكن ما أثارني هو ما يعمد إليه البعض في أميركا، وأؤكد هنا على كلمة"البعض"من ربط للموضوع بالإسلام والمسلمين، بشكل يثير السخرية والاستهزاء من جانب، والتخوف من إذكاء نار التصادم من جانب آخر، والتي ما تخمد، ولو لفترة قصيرة، حتى يظهر ما يذكيها ويؤجج اشتعالها من جديد، حتى لو من دون علاقة مباشرة أو غير مباشرة. هناك، لاشك، خلط في الأمور والمفاهيم بقصد أو بغير قصد، ما يجعل الأمر ملتبساً على الإنسان العادي، خصوصاً في الولاياتالمتحدة، وذاك ما يجعل المهمة أكبر على الجهات الإعلامية لتوضيح الصورة الضبابية من جهة، وتصحيح الصورة المغلوطة من جهة أخرى. عبارة"بلطة إسماعيل"التي يقال إنها منقوشة على ذراع تشو سيونغ هوي الطالب الكوري الأصل النازح هو وعائلته إلى الولاياتالمتحدة في وقت مضى، اشتغل عليها المشتغلون بخلط الأوراق، من أنصار إسرائيل، لربطها بقصة إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام، وكذا بالقرآن الكريم، على رغم أن هذا الطالب يدين بالبوذية، كما أوضحت وسائل الإعلام التي تابعت ونقلت الحدث، ولا شك أن هذا التضليل والتدليس للحقائق وإخراجها على الآلة الإعلامية بشكل مضلل، أمر يجعل الدور أكبر على الهيئات والمنظمات الإسلامية داخل الولاياتالمتحدة للتصدي لهذا الافتراء ودحضه بالحقائق التي لا يرقى إليها الشك بأي حال من الأحوال. عجباً من هذا التلفيق الساذج، والعجب أكبر ممن يمكن لهم أن يصدقوه، ولكن يذوب جليد العجب على نار ضحالة الفكر عند الغالبية العظمى من الشعب الأميركي، والذي ينجرف خلف مؤسسة إعلامية مغرضة، يسيطر عليها اللوبي اليهودي، مع أن القاتل أرسل اعترافاته الصريحة في شريط فيديو بثته إحدى القنوات الأميركية معترفاً فيه أنه كان ناقماً على الثراء والفسوق وصوّر نفسه مدافعاً عن الضعفاء، إلا أن الأمر فيه مجال للتصديق، أبعد كل هذا تصدق، أيها الشعب الأميركي، أباطيل مؤسسات اللوبي اليهودي وتلفيقاتها وتشويه الحقائق وخداعك بمعلومات مغلوطة، ستكتوي أنت بنارها، بلا شك، في حال تصديقها، وبناء الخطط الاستراتيجية للإدارة الأميركية على ضوئها؟ ربط حادثة كهذه بالإسلام والمسلمين من إعلام اللوبي الصهيوني لا شك استمرار لمسلسل التهم التي يكيلها هذا اللوبي وآلته الإعلامية الضخمة ضد الإسلام والمسلمين، ما يجعل الأمر ليس في مصلحة العقلاء والوسطيين من كلا الجانبين، ولا يخدم في نهاية المطاف أياً من الطرفين، بل سيسهم بشكل كبير في زيادة الفجوة بين المسلمين والغرب، في وضع قد تكون الحاجة فيه ماسة لتقارب وجهات النظر، وتلاقي الحضارات بدلاً من تصادمها. لمّا عدت للموضوع مرة أخرى، لم أجد أي شيء في اعترافات الطالب المسجلة يشير إلى الإسلام، بل بالعكس وجدته ذكر الديانة المسيحية عندما قال بالحرف الواحد، ووفقاً للفضائية الأميركية،"بفضلكم سأموت كما السيد المسيح..."لو كان هناك سفهاء في الجانب الآخر لاستغلوا ذلك وأخذوا في إلصاق تلك التهمة للدين المسيحي وما يترتب عليها من مسلسلات إرهابية وقصص مماثلة. لم ينقصنا إلا تشو يكتب عبارته"بلطة إسماعيل"، إن كانت أصلاً موجودة، والتي ستدخل التاريخ مع صاحبها من أوسع أبوابه، ويجعل من تلك العبارة محطة تلفيق جديدة يشتغل عليها من يشتغل، وتستمر المصادمات ويستمر سوء الفهم بين سكان هذه الأرض، التي لا شك أنها ستبقى على حالها هذه سنين طويلة، وما قصّرت يا تشو! م