"في بيتنا ممرضة أو طبيبة"، وضع ترفضه شريحة واسعة من المجتمع السعودي لاعتبارات وتقاليد اجتماعية، أبرزها اعتقاد الكثير من الفتيات السعوديات بأن هذه المهنة ستقلل من فرص زواجهن، إضافة إلى غيرة أولياء الأمور على بناتهم وزوجاتهم نظراً لطول ساعات العمل في المنشآت الصحية والاحتكاك بشكل أو بآخر مع الرجال الأمر الذي أوجد نقصاً كبيراً في قطاع التمريض في المناطق كافة. وأوضحت مديرة إدارة التمريض في صحة منطقة مكةالمكرمة نجاح بلوش ل"الحياة"أن من أسباب عزوف الفتيات السعوديات عن الالتحاق بمهنة التمريض"هي خوفهن من توقف قطار الزواج بالنسبة لهن، إضافة إلى ظاهرة عزوف الشبان عن الارتباط بفتاة تعمل ممرضة لاعتبارات اجتماعية". وقالت:"إن نظرة المجتمع القاصرة للفتيات اللائي يعملن في مهنة التمريض حال دون رغبة الكثيرات من الخوض في غمار هذه المهنة كونها من المهن الممنوعة اجتماعياً، إلا أن هذه النظرة بدأت تزول خلال الأعوام الخمسة الماضية واصفة إياها بالمرحلة"الذهبية" للفتاة السعودية". ولفتت في حديثها إلى أن هناك ما يقارب 90 ألف وظيفة تحتاج إلى السعودة، في الوقت الذي تبلغ فيه نسبة الممرضين السعوديين 22 في المئة فقط من العدد الكلي للعمالة التمريضية في مناطق البلاد كافة. وأكدت الممرضة حليمة هزازي ل"الحياة"أن مهنة التمريض من المهن الممنوعة اجتماعياً ولا تزال هناك نظرة سلبية تجاه المرأة العاملة في مثل هذه المجالات، وعلى رغم ذلك لا يمكن تعميم هذا الرفض على المجتمع السعودي كاملاً، مستشهدة برغبة أكثر من خمسة شبان سعوديين للزواج بها، الأمر الذي وصفته بالمؤشر الإيجابي لتقبل المجتمع لهذه المهنة واستشعار أهميتها وتوسعتها في البلاد. بدورها قالت فاطمة فقيها وهي"ممرضة"أيضاً ل"الحياة"إن هناك نظرة استغراب تواجه الممرضات من جانب المواطنين، وفي المقابل هناك نظرة إعجاب من نسبة كبيرة من المواطنين للممرضة، مضيفه أن هناك ممرضات سعوديات متزوجات وأخريات مخطوبات وهن لا يزلن يعملن في تلك المهنة وحياتهن الأسرية مستقرة. وأشارت في حديثها إلى أن النظرة السلبية لعمل المرأة في مجال التمريض بدأت تزول خلال الأعوام القليلة الماضية، داعية في الوقت ذاته الممرضات السعوديات للإسهام في جعل هذه المهنة مقبولة اجتماعياً من خلال التعامل الحسن مع المرضى والمساعدة في توعية المراجعين بأهمية وجود الممرضة والطبيبة السعودية في القطاعات الصحية الحكومية والخاصة. وأكدت ممرضات سعوديات يعملن في القطاع الحكومي"رفضن ذكر أسمائهن"أن غالبية الفتيات السعوديات يرفضن مهنة التمريض كونها من المهن التي تقلل من فرص زواجهن بحسب اعتقادهن، إضافة إلى أن هناك من يشبّه الممرضة ب"الخادمة"وهو وصف خاطئ امتد لفترات طويلة داخل المجتمع السعودي. وأمام ذلك أوضح أستاذ نظم الحكم والقضاء والمحكم القضائي الدولي والخبير في مجمع الفقه الإسلامي الدكتور حسن سفر ل"الحياة"أن متطلبات الحياة تقتضي مشاركة المرأة والرجل في الأعباء الوظيفية التي تأتي من ضمنها التمريض، خصوصاً وأن هذه المهنة من أوجه طلب الرزق وهي تتوافق تماماً وتركيبة الفتاة. وقال:"إن مهنة التمريض تحتاج إلى الصبر والحنان والابتسامة وهي صفات موجودة في المرأة ذاتها بالفطرة، وخلافاً لذلك فإن النساء السعوديات يرتحن للممرضات أكثر من الممرضين لاعتبارات عدة". وأضاف سفر أن غالبية المجتمع على جميع ثقافاتهم يعتقدون أن مثل هذه الوظائف تؤدي إلى عرقلة فرص الزواج وعزوف الرجال عن الزواج بالممرضات أو الطبيبات وحتى المضيفات وهي أفكار خاطئة.