في الاندية الرياضية عموماً، هنالك رموز واسماء كبيرة لا يمكن ان تُمحى من ذاكرة التاريخ او تُمسح من اذهان الجماهير والعشاق والمحبين او تنسى على مر العصور والازمان، سواء أكانت هذه الرموز نجحت في المجال الاداري او تميزت في الدعم المالي او ابدعت وتألقت على الصعيد الادائي او حتى في النواحي التدريبية، او القيادة الجماهيرية، وغيرها من المجالات والمستويات الرياضية التي قدمت هذه الاسماء الكبيرة، التي ستظل عالقة في الاذهان لفترات طويلة، وستتوارث ذكرياتها الجميلة الاجيال المتوالية جيلاً بعد جيل حتى وان لم تشاهدها على الطبيعة او تلتقي بها في أي مكان، وذلك عطفاً على ما قدمته من خدمات جليلة وما سجلته من مواقف مشهودة خلال فترة مسيرتها الرياضية. في نادي الوحدة تحديداً، ظاهرة رياضية وشخصية كروية مكية اشتهرت بعشقها الكبير للكيان العريق وبحبها المثير للونين الأحمر والأبيض، وبوفائها الدائم واخلاصها المستمر ل?"فرسان مكة"وتضحياتها التي كانت محل تقدير واعجاب واحترام الجماهير الوحداوية ووقفتها الصادقة مع الفريق الكروي حتى في اسوأ الظروف، ودعمها المادي لبعض الالعاب الجماعية في النادي وعدم رغبتها في ارهاق خزانة ناديها والمطالبة بمستحقاتها المالية التي قاربت النصف مليون ريال، وتلك هي شخصية ابن الوحدة البار حاتم خيمي قائد"الفرسان"السابق ومساعد المدرب الوطني الحالي. جاءت بداية الخيمي مع الوحدة وارتباطه بالكيان المكي الشامخ سريعة وغير متوقعة، اذ سجل في كشوفات"الفرسان"في فئة الناشئين قبل 22 عاماً عن طريق قائد رابطة المشجعين وعميد المدرجات الحمر عاطي الموركي، الذي شاهده في احدى مباريات الحواري في حي العزيزية الذي يسكنه الخيمي، وهو احد الاحياء الراقية في العاصمة المقدسة واعجب بمستواه وطلب منه التسجيل في النادي وعلى الفور وافق الخيمي من واقع حبه وعشقه للنادي وسجل رسمياً في فريق الناشئين، وبدأت رحلته مع صغار الوحدة التي لم تستمر طويلاً اذ طلبه فجأة مدرب الفريق الأول في تلك الفترة، لدعم وسط"الفرسان"في لقاء جماهيري امام الاهلي في الشرائع، وشارك الخيمي في اللقاء وهو لم يتجاوز 16 عاماً ولفت الانظار وابهر الجماهير التي صفقت له كثيراً وتفاعلت مع لمساته الفنية وتمريراته الذكية وتصويباته القوية التي اكدت علو موهبته الكروية، وتنبأ الوحداويون يومها بمستقبل باهر لصانع العابهم الماهر الذي جاء في زمن انعدام المواهب الحمر وفي وقت كان فيه اداء الفريق متأرجحاً من مباراة الى اخرى تارة في القمة وتارة في القاع. واصل الخيمي مسلسل مستوياته الادائية المبهرة آنذاك، وكانت له بصمة واضحة ومؤثرة في اهداف الفريق وانتصاراته، ولكنه عانى كثيراً من ضعف مستويات زملائه اللاعبين في الفريق وتقدم اعمارهم ولم تساعده الظروف في وجود مواهب شابة وواعدة تعمل معه على قيادة"الفرسان"الى منصات التتويج، واستمر الوضع كذلك فترة موقتة والخيمي يبحث عن لاعب يفهمه في الفريق ويفهم تحركاته وتمريراته حتى سجل المهاجم الاسمراني عبيد الدوسري في كشوفات"الفرسان"الذي وجد فيه الخيمي ضالته المنشودة وغايته المقصودة، اذ شكل معه ثنائياً متفاهماً وصنع منه هدافاً كبيراً من طراز فريد من خلال الكرات التي كان يمررها له والهجمات التي يصنعها بدقة متناهية، وهو ما جعل لأداء"الفرسان"رونقاً خاصاً ومظهراً جذاباً نال اعجاب واستحسان وتفاعل الوحداويين في كل مكان. تم اختياره للانضمام الى معسكر المنتخب السعودي الاول في الطائف مع عمالقة الكرة السعودية والكوكبة اللامعة التي حققت الكثير من الالقاب والانجازات الذهبية القارية ثم عاد مجدداً لخدمة"الفرسان"، وسجل موقفاً مشهوداً لن تنساه الجماهير الوحداوية عندما انقذ فريقه من الهبوط الى الدرجة الأولى عام 1418ه عبر المباراة الفاصلة التي اقيمت امام فريق الانصار في الشرائع، اذ شارك وهو مصاب في قدمه ولعب في الشوط الثاني تحت تأثير البنج، معرضاً نفسه وحياته للخطر من اجل"الفرسان"لتكون له الكلمة الاقوى في التهديف والبصمة الأروع في التسجيل بعدما عجز المهاجمون عن هز الشباك وذلك عبر قذيفته الهائلة وصاروخ الارض جو الذي اخترق الشباك الانصارية وابقى"الفرسان"في دوري الكبار وابكى الجماهير الوفية في المدرجات التي هتفت للخيمي كثيراً ورددت اسم فتى الوحدة المخلص في ليلة تاريخية جميلة اختلطت فيها دموع الفرح بلغة الوفاء والاخلاص المعروفة عن الوحداويين طوال مسيرتهم مع النادي. الخيمي الذي لقبه النقاد والمحللون والاعلام الرياضي في العاصمة المقدسة بالجنرال الوحداوي والقلب النابض في متوسط الميدان والعقل المفكر والدينمو المتحرك واللاعب الأكثر انضباطية في النادي وغيرها من الألقاب الرائعة، ضرب أروع انواع الامثلة بوقفته الصادقة مع ناديه وتفانيه من اجل اعادته الى ساحة الامجاد والبطولات خلال مشواره الرياضي، اذ رفض الانتقال الى فريق الشباب الاماراتي في فترة سابقة وفضل البقاء مع ناديه، ويتردد كثير اً في طلب مستحقاته المالية المتأخرة التي قاربت النصف مليون ريال، بل ويصرف مكافآت مادية من جيبه الخاص لفريق الناشئين في كرة القدم وفريق كرة اليد وغيرها من الالعاب الاخرى من واقع حبه الكبير للنادي وعشقه الدائم لانتصاراته ومنافسته على البطولات والانجازات المحلية في الالعاب الجماعية او الفردية. ويعمل الخيمي حالياً مساعداً للمدرب الألماني ثيو بوكير، الذي امتدح امكاناته التدريبية وثقافته الرياضية وفكره المتطور الذي يجعله مستقبلاً من ابرز واميز المدربين الوطنيين، كما يعتبر من افضل كتاب الاعمدة الشبابية، مستمداً خبرته من شهادته الجامعية في قسم الاعلام، اذ استقطبته جامعة ام القرى أخيراً وعينته محاضراً في القسم ذاته، فيما قرر الخيمي ان يكون مهرجان اعتزاله يوم 22 أيار مايو المقبل بملاقاة فريق السيدة العجوز جوفنتوس الايطالي في كرنفال رياضي تنتظره جماهير الكرة الذواقة للغة الفن الكروي الاصيل، سيقام على ملعب الامير عبدالله الفيصل في جدة وسط مشاركة ابرز النجوم في الخليج والعرب، ليكون ختاماً ناجحاً لمسيرة قائد"الفرسان"واحد اشهر الاوفياء الذين مروا على تاريخ النادي واحد افراد اسرة الخيمي المعروفة بعشقها الكبير ل?"فرسان"مكة وارتباطها الوثيق مع النادي في السنوات الماضية.