الرقم 9 بلايين ريال هو المكرمة الملكية من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الذي سيصرف خلال خمس سنوات على خطة لتطوير التعليم، هذا الرقم ذكرني بلاعب كانت فانلته تحمل الرقم 9، وهو لاعب كرة القدم لنادي النصر والمنتخب ماجد عبدالله، الذي كان يحسن التصويب والتهديف بمهارة عالية وبذكاء حاد، فحين يدخل الملعب ولو في الدقائق الأخيرة يستطيع أن يصحح نتيجة اللعب لمصلحة فريقه! التسعة بلايين ريال مبلغ كبير إذا ما أضفناه للمصاريف الكبيرة التي تصرفها الدولة على التعليم، والنتائج في مقابل ذلك غير مرضية، وتتخللها أحداث مؤسفة مثل حادثة مدرسة المرامية التي ما زالت حديث المجتمع السعودي، مبالغ صرف عالية جداً على مبانٍ، والنتيجة مبانٍ عادية غير مميزة، وأحياناً مخالفة للاتفاق المبرم لتصميمها وفكرتها التربوية مثل المجمعات الكبيرة hyper school. المشكلة أن معظم نسبة الصرف على قطاع التعليم يذهب للرواتب، فيما يقل الصرف بدرجة حادة على المباني التي تنجز بصورة غير ملائمة، وعلى البرامج التعليمية المميزة، والمشكلة تبرز بطريقة لافتة في الصياح الكبير جداً من منسوبي التعليم من"قلة"رواتبهم ومطالباتهم بمستويات أعلى ومميزات لا نهاية لها، فمعلم الابتدائية والصفوف الأولى يطالب بعلاوة خاصة، كما يعلن معلمو التخصصات العلمية مثل الرياضيات والفيزياء والكيمياء بحكم أنهم يقدمون جهوداً أكثر داخل الحصة المطالب نفسها، والمديرون يطالبون بمزايا، إلى جانب معلمي الثانوية ومعلمي ومعلمات المدارس في المناطق النائية، أما المشرفون التربويون فلهم قصة أخرى، إذ يطالبون بخفض سنوات الخدمة، وبتأمين صحي ووو... إلخ، ما يعكس حال عدم رضا عالية تترتب عليها النتائج المتردية الحالية للامتحانات. مشكلة التعليم، مشكلة معقدة وزيادة موازنة التعليم لمشروع تطويري ينفذ على مدى خمس سنوات أقل من بليونين سنوياً كنتيجة عامة تجعلاني أتساءل: لماذا نتوجه بتفكيرنا إلى زيادة الصرف؟ ولماذا لا نتوجه إلى وجهة أخرى بشأن الصرف بحيث يكون منصباً على العملية التعليمية نفسها قبل أن يكون لمصلحة الذين يؤدون هذه العملية؟ سمعت - كغيري - عن تصريح لرجل أعمال سعودي عالمي عرض الحصول على عقد تشغيل من الدولة للمدارس وبنصف الموازنة الحالية في سبيل الحصول على نتائج تعليمية عالية للجميع، بمعنى تخصيص قطاع التعليم أي أن يكون دور الوزارة إشرافيا فقط، أو حتى لا داعي لتكون هناك وزارة تربية وتعليم ويستفيدون من الموظفين في هذا القطاع في قطاعات حكومية أخرى بعد إعادة تأهيلهم. التعليم عندنا قطاع عريض يهم كل بيت وأسرة وكل مدينة وقرية، وما بين ضغط الوظائف وتقليص المصاريف وبين التوسعات والمطلبية غير المحدودة من التربويين التي لا نهاية لها مراكز مصادر تعلم ? مختبرات ? معامل ? مسارح ? مشرف مقيم... وبين الأولويات والمهمات والتمييز بين الأساس وبين الإثرائي ومتطلبات المجتمع والكتاب والمثقفين الذين لا يتوقفون عن المطالبة بإضافة مواد مثل مادة الوطنية، ومادة الأخلاقيات والسلوكيات ومادة المرور ومادة التربية الجنسية ومادة الذكاء والإبداع. كل ذلك يحتاج منا إلى وقفة للتفكير في إعادة النظر إلى العملية التربوية وهندستها عبر بيوت خبرة عالمية لإعداد المناهج من رياض الأطفال وحتى الجامعات التي لم تنجح هي أيضاً في دورها التعليمي بالمستوى المأمول. قد تكون بعض الدول الخليجية بادرت لمشروع تحسين التعليم بعقد اتفاقات دولية لتحسين إدارة عملية التربية والتعليم على رغم المعارضة الكبيرة التي قد تواجهها مثل هذه الخطوة هنا من أصحاب عقدة الخوف من التجديد مثل ما حصل مع تعليم اللغة الانكليزية في الابتدائية وغيرها من أفكار تحسينية للمخرجات، يقابلها أصحاب نظرية المؤامرة بحب وتمسك للتأخر والنوم في آخر الصف. [email protected]