قدم محام سعودي في المدة الأخيرة توصيات عدة إلى جهات حكومية للنظر في مسألة هروب الفتيات والزوجات من بيوتهن من دون دواع شرعية، مطالباً بإصدار مواد قانونية تنص على عقوبات تعزيرية في المحاكم الشرعية في شأن الفتيات والزوجات الهاربات، من طريق التدخل التنظيمي، عبر إيجاد نظام يشمل مواد خاصة تحوي المخالفة والعقوبة، تردع المخالف عن ارتكاب الفعل أو المعصية، الأمر الذي يضيق دائرة هذه القضايا ومنعها من الاستفحال وصولاً إلى حد الظاهرة. ودعا المعنيين بالأمر إلى التوسع في إنشاء الجمعيات الأهلية التي تعنى خصوصاً بالأسرة والمرأة في مختلف مناطق السعودية، وتفعيل دورها في حماية الأسرة وحل مشكلاتها، من خلال توفير جميع الإمكانات التي تمكنها من أداء هذا الدور، وتحقيق هدفها في رأب الصدع في الجدار الأسري. وأكد المحامي فيصل كسار ل?"الحياة"أن غالبية حالات الهرب تعود لأسباب عدة أبرزها"الضرب المبرح والتعنت، والخادمة، والسائق، والحرمان الشديد"، مضيفاً أنه بات من الضروري إخضاع الزوجين إلى دورات اختصاصية قصيرة في فن العلاقات الزوجية، تهدف إلى بناء أسرة تتحمل المسؤولية، ويكون الزوجان بذلك قادرين على حل القضايا العالقة داخل الأسرة، واحتواء الأزمات التي تقع عادة بين أفراد العائلة الواحدة. وقال كسار:"تبين أخيراً أن للخادمات والسائقين الأجانب دوراً كبيراً في تسهيل مهمة هروب الفتيات والزوجات من بيوتهن، وتأمين السكن البديل لهن، على رغم ثقة الأب والزوج المفرطة في هاتين الفئتين من العمالة، خصوصاً أن بعضهم يتم إغراؤه بالمال لتقديم المساعدة في الهرب من المنزل". وأعتبر أن غالبية حالات هرب الفتيات والزوجات تعود إلى قصور دور الأب أو الزوج في شكل مباشر، وعجزهما عن تمثيل الدور المناط بهما في تحمل المسؤولية، وقال:"لا يجوز أن يكون الأب أو الزوج عنصراً خاملاً داخل أسرته حتى يستطيع السيطرة على أبنائه واحتوائهم في شكل صحي وسليم". ونبه كسار إلى وجود ضعف في البحوث والدراسات الاختصاصية عن العلاقات الزوجية داخل المجتمع السعودي، خصوصاً أن غالبية الدراسات تفتقد الإحصاءات التي تبيّن حجم حالات هروب الفتيات أو الزوجات، والأسباب الحقيقية وراء هذه الجريمة التي تعاقب عليها"القوانين الاجتماعية". ولفت إلى وجود قصور واضح في الأنظمة الحالية تجاه ردع الفتيات والزوجات من الهروب من دون أسباب شرعية، الأمر الذي يفاقم هذه المشكلة، نتيجة للتبعات النفسية والاجتماعية التي تعود على العائلة من خلال هذا الفعل، الذي عادة ما يوصم أصحابه ب?"العار"والفضيحة الاجتماعية. وأضاف كسار أن هذه النوعية من القضايا لا يمكن لأحد إنكار وجودها، على رغم أنها تحدث في إطار السرية التامة خشية الفضيحة، وعادة ما تنتهي بالصلح أو بالعقاب الاجتماعي من جانب ذوي الهاربة، والتي ستجد مبرراً آخر للهرب مرة أخرى من منزلها. وأوضح المحامي كسار أنه لا يمكن حتى الآن إعلان حالات هروب الفتيات والزوجات كظاهرة في السعودية، لأسباب عدة من ضمنها السرية التامة التي تحيط بهذا النوع من القضايا، إضافة إلى حلها بصفة ودية بين الأهل والأقارب من دون تدخل القضاء أو القانون للحد من تزايدها. وأكد أنه سيعمد قريباً إلى إنجاز دراسة واسعة لوضع"الهاربات"في السعودية بطريقة علمية، وذلك بعد الحصول على المعلومات الكاملة والإحصاءات الرسمية من الهيئات الحكومية المعنية بالأمر، كونها الخطوة الأولى لحل هذه المشكلات الاجتماعية"العالقة"التي لا ينبغي تجاهلها بأية حال من الأحوال، من طريق الاعتراف بوجودها وخطرها على المجتمع.