بمجرد دخولها إلى الفصل يشيع التوتر بين طالباته، اللواتي استقين توترهن من اضطراب المعلمة الواقفة أمامهن."كابوس ثقيل"تلك الدقائق التي تحضر فيها"المشرفة التربوية"لزيارة المعلمة - خصوصاً المبتدئة - وتقويمها. ووفقاً للنظم واللوائح التعليمية، يتعين على المشرفة التربوية القيام بزيارة مفاجئة لعدد من المدارس مرتين من كل عام على أقل تقدير، لحضور جملة من الدروس التي تؤديها معلمات التخصص نفسه، على إثره يتم تقويم المعلمة وفقاً للبنود التي وضعتها وزارة التربية والتعليم مسبقاً. ويضم التقويم المعمول به من الوزارة بين ثناياه تقويم مدى"جودة"المادة العلمية لدى المعلمة، وإثرائها لها من الناحية الدينية والبيئية من جهة، وتقويم شخصها ومدى سلاستها مع الطالبات وضبطها للفصل من جهة أخرى. على أساس ذلك يتم وضع درجة أدائها الوظيفي الذي تستحقه من وجهة نظر المشرفة التربوية والمديرة معاً. وعلى رغم أن زيارة المشرفة التربوية المفاجئة للمعلمة يعتبرها كثير من المعلمات الخبيرات ممن أمضى أعواماً طوالاً في التعليم مجرد"مسألة روتينية"، إلا أنها تظل بالنسبة إلى المبتدئات منهن كابوساً مزعجاً يؤرق مضاجعهن، ويؤثر في عطائهن داخل الفصل. في هذا الصدد، توضح معلمة اللغة العربية أسماء محمد أنه"في الأعوام الأولى من التدريس، كان القلق والارتباك ينتاباني عند حضور المشرفة التربوية لحصصي المدرسية، ما أثر سلباً في عطائي داخل الفصل". وأضافت:"أما الآن وبعد مرور خمسة أعوام على خدمتي في نطاق التعليم أصبح الأمر لا يعدو كونه أمراً روتيناً". وتوافقها معلمة الدراسات الإسلامية سارة الدوسري 30 عاماً، إذ تؤكد أن تحضيرها المسبق للدرس وإعدادها جميع وسائله والأدوات المتعلقة به، يجعل من حضور المشرفة التربوية بالنسبة إليها أمراً عادياً، لا يستدعي القلق. في حين ترى كلتا المعلمتين هدى السبيعي ومنى البليهد، أن حضور المشرفة التربوية بلا شك يستدعي القلق والارتباك أياً كانت سنوات خدمتها، لما يرونه فيها، على حد قولهن إنها"شخص غريب على طالبات الفصل ومراقب دقيق لحركات المعلمة وسكناتها، ما يثير الارتباك والقلق على ملامحها". أما معلمة الرياضيات منى علي، فأكدت أن الموقف المحرج الذي سببته لها المشرفة أمام تلميذاتها وسوء تصرفها، ظل عالقاً في ذهنها ومبرراً كافياً - على حد قولها - لاستيائها من حضورها. وفي ذلك تقول:"في إحدى المرات، أثناء شرحي لمسألة حسابية أخطأت في طريقة حلها، ما كان من المشرفة سوى توبيخي أمام الطالبات وإعادة حل المسألة الحسابية وإكمالها شرح الدرس، ما زعزع ذلك ثقة طالباتي فيّ، وزاد من ارتباكي". وحمّلت المعلمة منيرة اليمني مسؤولية استنقاص الطالبات لهيبة معلمتهن إلى المعلمة ذاتها، تقول:"شهدت الكثير من الحالات التي تعمد فيها المعلمة إلى إعادة شرح درس سبق عرضه للطالبات، ومطالبتهم بتمزيق التلخيص الخاص به، وتنبيهها لهن بالتظاهر أمام المشرفة بأنه درس جديد، حتى يبدو للمشرفة تفوق المعلمة في شرح الدرس وتميز الطالبات في استيعابه، والمشاركة في الإجابة عن أسئلته". وزادت:"بعض المعلمات يعمد في أحيان كثيرة إلى تصحيح دفاتر الطالبات بسرعة البرق قبل حضور المشرفة بدقائق، وتطلب من زميلاتها مساعدتها في التصحيح، ما يقلل من احترام الطالبات لها، وإدراكهن عدم صدقيتها ومراعاة ضميرها أثناء عملها". من جهتها، أكدت إحدى المشرفات التربويات فضلت عدم ذكر اسمها"أن استياء المعلمة من حضور المشرفة لها وارتباكها وظهور علامات القلق عليها يعود إلى عوامل عدة أهمها، عدم تحضير المعلمة للدرس مسبقاً، وتقصيرها في إعداد وسائله في بعض الحالات، كما تلعب شخصية المعلمة ومدى ثقتها بنفسها دوراً كبيراً في إخفاقها أو تفوقها أثناء عرض الدرس".