على رغم تحلل الحجاج تحللهم الأول، ما يعني خلعهم لباس الإحرام وارتداء ملابسهم المعتادة، إلا أن قلة قليلة منهم كانت لا تزال مرتدية لباس الإحرام، ولم تقدم على خلعه إلا بعد اليوم الثالث من أيام التشريق. يرجع ذلك إلى اعتقاد بعض الحجاج، وخصوصاً حجاج جنوب آسيا أن الحج لا يكتمل إلا في ثالث أيام التشريق، أي بعد رميهم للجمرات الثلاث، كما يؤكد ذلك الحاج الهندي محمد، ويقول:"لا أشعر أني أكملت مناسك حجي إلا إذا رميت جميع الجمرات في أيام التشريق الثلاثة، وبعد هذا أخلع إحرامي بطمأنينة وأرتدي ملابسي المعتادة". لكن هذا الأمر ليس السبب الوحيد في بقاء بعض الحجاج على ارتداء ملابس الإحرام إلى آخر يوم من أيام التشريق، فقد يكون السبب خارجاً عن إرادة الشخص، فالحاج السعودي سعد الراشد اضطر إلى البقاء على إحرامه بعد أن منعه رجال الأمن من الدخول إلى جسر الجمرات في أول أيام التشريق، بسبب حمله حقيبته التي تحوي ملابسه. وقال:"لم أستطع الرجوع إلى المكان الذي وضعت فيه حقيبتي بسبب تحويل مسارنا بعد رمي العقبة الكبرى، ما اضطرني إلى البقاء بملابس الإحرام في الأيام الباقية من أيام التشريق". ويرى الحاج المصري أيمن أن ملابس الإحرام توفر له الراحة أثناء التنقل، وأضاف:"أشعر بمرونة ويسر أثناء التنقل بين الجمرات وأنا أرتدي ملابس الإحرام". أما الحاج الباكستاني آصف، فيؤكد أن ملابس الإحرام تعينه على حفظ أشيائه الشخصية، ويقول:"سأظل مرتدياً ملابس الإحرام في كل أيام التشريق، لأني أحتفظ بأموالي وأوراقي الشخصية في حزام الإحرام". من جهته، أوضح أستاذ النظم والقضاء والمرافعات الشرعية المشارك في مجمع الفقه الإسلامي الدكتور حسن بن محمد سفر ل"الحياة"، أن الأصل الشرعي أن يستبدل الحاج بملابس الإحرام ملابس غيرها بعد رميه جمرة العقبة الكبرى في يوم العيد، ويشارك المسلمين في عيدهم كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون والتابعون من بعده. وأضاف سفر:"اجتهد بعض تلامذة فقهاء المذاهب من الأحناف والمالكيين في هذه المسألة، ووضعوا تخريجات تقضي بأن يظل الحاج مرتدياً لباس الإحرام حتى ينتهي من أداء جميع مناسك الحج"، وزاد:"بعد البحث والتحري في كتب الفقه لم يجد الفقهاء المعاصرون دليلاً عند هؤلاء التلاميذ، غير التشبث بتقاليد لا أساس لها".