تكثر القصص والمواقف الطريفة في رحلة الحج وإن مضت السنوات، إلا أن نكهتها تبقى عالقة في الذاكرة، وتحلو روايتها للأهل والأصدقاء، هنا مثقفون أدَّوا فريضة الحج يروون ل"الحياة"بعض ما صادفهم من مواقف طريفة. إذ يروي الممثل إبراهيم الحساوي، أنه"في حج العام الماضي، شاهدت آسيوياً يضرب عامل نظافة، فشدني المنظر واستغربت كثيراً: كيف يضرب مسلم أخاه المسلم في بيت الله الحرام، وفي موسم الحج، ما دفعني للتدخل من أجل إنهاء النزاع بينهما، وإذا بي أتلقى ضربة قوية على أنفي، كدت أسقط إثرها فاقداً للوعي، وبعد لحظات تجمع الناس محاولين فك النزاع، وانتزاع الرجل المضروب من بين يدي ذلك الآسيوي الضخم، في تلك اللحظة بالذات التقيت صدفة شخصين أعرفهما منذ زمن، سرعان ما طلبا التقاط صورة تذكارية معي، ورضخت للأمر، وأنا في حال من الألم، جراء تلك الضربة القوية التي تلقيتها على أنفي ولسان حالي يقول: أين أنا من التصوير؟". أما التشكيلية وداد المنيع فتتذكر"مضى على تأديتي فريضة الحج 13 سنة، لكنني لم أنسَ حتى الآن تلك الحاجة العربية، التي ما إن كبّرنا لصلاة الجماعة في الحرم المكي، حتى أخذت في الحديث معي.. يا الله! ارفعي رأسك وانظري كم هي كبيرة هذه الثريا! تبارك الله! انظري كم السقف بديع! سبحانك يا رب ما أكثر هؤلاء البشر!". وتضيف المنيع:"عندما لم تجد مني تجاوباً أخذت في لكزي، ما اضطرني إلى قطع الصلاة والفرار منها إلى مكان آخر". وينطبق المثل"شر البلية ما يضحك"على الموقف الذي صادف الممثل سمير الناصر في الحج، ويقول:"افتقدنا أحد حجاج الحملة في عرفات، وساورنا القلق عليه، لأنه كبير في السن، ولم تكن هناك هواتف محمولة، وعرفت بعد، أن فريقاً مختصاً من الحملة بحث عن الرجل، وبعد فترة من البحث صادفني أحدهم وسألني عنه، فأخبرته أنني لم ألتقيه منذ ضياعه وافترقنا، وحالما سرت قليلاً أبصرت الرجل التائه من بعيد، وتنازعتني الشكوك حوله"هل هو أم لا؟ فاقتربت منه، إذ تأكد ليّ أنه هو، وألفيته ممسكاً بعلبة مرطبات حوَّلها إلى"نارجيلة"، وهو يخبرني أن سبب ضياعه بحثه عن"التبغ"الذي نفدت ذخيرته منه، مؤكداً أنه لم يهتم بالتفكير في العودة، قدر اهتمامه بالحصول على أنفاس من التبغ". ويصنّف موقف الشاعرة نهى فريد ضمن"الإزعاج غير المقصود". وتروي:"كنتُ منهكة، فنمت بعد أن وقَّتُ مُنبِّه هاتفي النقّال على موعد الصلاة، واستيقظت على نغمة التنبيه، مستغربة أن جميع الحاجات ما زلن نائمات، وسريعاً تهيأت للصلاة وعمدت لإيقاظهن، إذ صحون منزعجات، وهن يرددن: لِمَ توقظينا ولم يحن وقت الصلاة بعد؟"، مضيفة:"أحسست بالحرج، فعدت أبحلق في هاتفي، إذ أذهلني أنه لم يرنّ بعد، وعرفت بعدها أن ما رنّ لم يكن منبهي، بل منبه هاتف إحدى رفيقات الغرفة". ووقع الموقف"المحرج"للتشكيلية شعاع الدوسري في حج العام الماضي،"كنت في حال خوف من إضاعة جوَّالي، لأنه أهم وسيلة اتصال بالنسبة إليّ، حتى أنني خبأته في كيس، وتزايد خوفي بعد مروري بتجربة ضياع أنقذني منها التواصل عبر الجوَّال، بيد أن حرصي لم يحل من دون تحقق ما كنت أخشاه، إذ أضعت جوَّالي، وحاولت التذكر أين فقدته؟ وخمنت أنني فقدته أثناء وقوفي لتقليب بضاعة إحدى"البسطات"، لكنني خشيت إن سألت البائعة عنه أن تنكره، فطلبت من ابني الاتصال به، وحالما فعل علا رنين واهن من أسفل أكوام البضاعة، فغصت بذراعي بين تلك الأكوام، واستخرجته وسط ذهول البائعة، وبعض المتجمهرين من المشترين". وتتذكر الكاتبة نورة الحمودي أنه أثناء الطواف،"كنت منهكة وجائعة، فرأيت إحدى الحاجات تضع على رأسها شعاراً كتب عليه"حجاج سورية"، وأنا من الجوع والتعب قرأته"دجاج سودية". كما تتذكر موقفاً آخر، أنه"كانت معنا حاجة كبيرة في السن في يوم عرفة، أخذت بعض المسؤولات في الحملة يخبرنها عن أهمية إخراج الصدقة، فنظرت لإحداهن قائلة: إذا كان ذلك لكِ فلا بأس، أما إن كان لشخص آخر لا تعرفونه فلا".