تجدهم منهمكين في عملهم المتواصل، لا يتوقفون إلا عند تناول وجبة أو لأداء الصلاة، تفكيرهم لا يتجاوز حدود العمل، عين على آلة «الكي» وأخرى على حوض الملابس والغسالة، هم هكذا بين أكوام الملابس بكل أنواعها وأشكالها، ويرفضون الاتهام على أنهم لا يلتزمون بشروط الصحة، فالعمل في هذه المهنة يحتاج إلى السرعة والدقة في تسليمها لأصحابها والمحافظة عليها من الضياع، فيجب أن يكون العمل مرتبا حتى لا تكون هناك مشكلة، فالكثير من المواقف والحكايات الطريفة داخل المغاسل. لن أترك المهنة !! هكذا قرر وليد عبد الله (28 عاما)، وجلس يفكر، كيف يمكن له أن يتزوج ويكمل مهر عروسه، حيث يقول: منذ عامين تقريبا التحقت بالعمل في هذه المغسلة كانت الأولى في هذا الحي، إذ جددت المغسلة مرات من أجل أن تكون نظيفة، غير أنه مع زحمة المحلات وكثرة مغاسل الملابس، وارتفاع الأسعار الذي شهده العقار، حاولنا أن المحافظة على ظهورنا بشكل لائق. ويستطرد وليد قائلا: العمل في مغسلة الملابس متعب جدا، ويحتاج إلى صبر كاف حتى تواصل العمل والحياة، فيبدأ العمل بالاستيقاظ مبكرا ويستمر حتى منتصف الليل، وقوفا خلف حرارة جهاز الكي والبخار وزحمة الملابس، طوال اليوم عمل متواصل وملابس بكل الأنواع والأشكال، تتوافد علينا حيث يجب العناية والاهتمام بها، فذاك يريد الاستعجال في كي ملابسه لارتباطه بمناسبة، وآخر يريد غسيلا مستعجلا خلال نصف ساعة، وهذا في بعض الأحيان يسبب لنا ربكة، ما يستدعي أن نعتذر منهم. ولا أخفيك أنني فكرت بترك هذه المهنة، لكنني لم أكن أستطع، لذا يجب العمل حتى نعيش، فهناك الكثير من الالتزامات التي يجب الإيفاء بها. وعن أكثر الزبائن، يقول وليد في الحقيقة أكثر الزبائن هم من المتزوجين، يأتي بعضهم للكي فقط، بعد أن وضع الملابس في كيس أنيق وتم تطبيقه، من هنا نعرف أن هذا الزبون متزوج أو أعزب. وكان زميله سعد علي، الذي لم يتوقف عن الحركة في تنظيم الملابس بحرص شديد على ألا يذهب ثوب أو شماغ هنا أو هناك وتحدث اللخبطة، يقول سعد: تقريبا أنا وزميلي، لدينا نفس الهموم، والمشاكل!! ونتفق في كل شيء، وأصبحت بيننا علاقة قوية، ورغم تلك الهموم التي في داخلنا، إلا أننا حرصنا من خلالها على كسب الكثير من الزبائن والمحافظة عليهم، وشيء طبيعي أن يكون العمل هنا متعبا وبشكل يومي لكن مبدأنا هو الصبر، وشعور جميل حينما يأتي موعد النوم، فإننا لا نستطيع فعل أي شيء أقصد مثل متابعة التلفاز أو التنزه مثلا، نصل إلى أسرة نومنا منهكين بعد عناء يوم طويل. وعند سؤاله من أن هناك اتهامات تلاحق عمال مغاسل الملابس بعدم التقيد بالشروط الصحية، فرد رافضا ذلك الاتهام بقوله: هذا كلام ليس في محله، نحن نحرص بقدر المستطاع أن يعود إلينا الزبون مرة ثانية، وأعتقد أنه ليس في مصلحة العاملين في المغاسل تنفير الزبائن منهم. ويعود وليد يلتقط أطراف الحديث، هناك الكثير من المواقف الطريفة والمحرجة، لكنها تنتهي وتذوب سريعا.