أيام قليلة تفصلنا عن موسم إيماني كبير، يشهد حشداً من مختلف الجنسيات والثقافات والألوان والتيارات، سيحجون إلى بيت الله الحرام، ندعو الله لهم أن يؤدوا جميعاً مناسكهم بخشوع وسكينة وأمن، مبتعدين عن تحويل هذه الشعيرة المقدسة إلى مجرد وسيلة للتعبير عن مواقف سياسية أو تنظيمات طائفية. ربما كان الداعي لهذه المقدمة هو التنبيه إلى أن البعض ممن سيأتون لحج هذا العام قد يقوم بمثل تلك الأعمال التي تعد ضمن حالات البدع المحسوبة على الدين الحاصلة عند بعض الدول، أو حالات الاحتقان الأمني والغليان السياسي عند البعض الآخر، فالمنطقة من حولنا يعاني بعض أفرادها وهيئاتها وأحزابها من عدم الرضا عن أي شيء، وكل شيء، وتضع في الإطار عدداً من الصور المغلوطة عن حقيقة أدوار بعض الدول، والجهات التي من الممكن القيام ضدها بأي عمل تخريبي أو إجرامي يتسبب في إحداث نوع من الدمار والخراب يطال شعبها أو مصالحها، ما يستدعي تدخل أجهزة الأمن لدينا بمختلف تخصصاتها وأدواتها، وهى قادرة - بحول الله - على التصدي لمن يحاول تعكير صفو الحجاج، أو القيام بمثل هذه الأعمال الإرهابية. من الآن وحتى انتهاء أيام الحج، على كل الأجهزة الإعلامية المحلية الرسمية والخاصة، المطبوعة والمقروءة والمسموعة، أن تنشر وتبث وتذيع بالمجان عدداً من الرسائل التوجيهية والإرشادية للمواطنين والمقيمين والزوار والحجاج، وبمختلف اللغات لتوضيح أهمية وضرورة الإبلاغ عن أي تحرك مشبوه لأشخاص أو جماعات بين أفواج الحجيج، ولتتدخل الشركات والبنوك وغيرها من الجهات التي تحقق مكاسب طائلة وهائلة من وراء أفراد هذا المجتمع إلى تبني ورعاية مثل هذه الحملات خدمة للمجتمع وللوطن الذي أسهم ومازال في زيادة أرصدتهم وأرباحهم. إننا في هذه الأيام يجب أن نعزز التلاحم والتواصل والترابط بين أجهزة الأمن وبين كل مواطن ومقيم على أرض المملكة، فالكل سواء، والموضوع يشمل الجميع ولا يوجد من هو خارج دائرته، فأمن بلادنا مسؤولية جماعية، وليس مقصوراً على جهة أو إدارة بعينها، لأن الإرهابي الذي ينوي القيام بأي عمل تخريبي لا فرق عنده بين مسؤول وغير مسؤول، أو بين مواطن ومقيم أو طفل وكبير، فهو شخص قد عميت بصيرته وسلم نفسه طواعية للشيطان، ولا هدف له سوى القتل والتفجير والتخريب وإثارة الفوضى، ونحن بالتلاحم والتكاتف وبتنظيم مثل هذه الحملات الإرشادية، والتوعية الإعلامية نسهم بصورة أو بأخرى في تخفيف الضغط الواقع على أجهزة الأمن لدينا، ما يتيح لها فرص العمل بدقة وإتقان أكبر لتأمين سلامة وراحة الحجيج، ومنع أي متسلل إلى هذا المنسك لتعكيره أو إصابة من يؤدونه بالخوف والهلع. وخالص دعواتنا لكل حاج أن يتقبل الله منه حجه، وأن يعيده إلى وطنه وأهله مغفوراً له ، نقياً من الذنوب كيوم ولدته أمه... آمين. [email protected]