الحرمان من التعليم والبقاء حبيس الجهل حتى في أبسط مبادئ القراءة والكتابة ينبئ بحاضر بائس ومستقبل مخيف، وعندما يقترن هذا الواقع بموت عائل المحروم من التعليم فإن الأمر يتحول إلى مأساة. لكن كيف تفعل أسرة كاملة تتكون من ستة أيتام لا يستطيعون القراءة أو الكتابة، ولم يترك لهم والدهم بعد وفاته أي دخل مادي، ويتعذر حصولهم على الضمان الاجتماعي لعدم حملهم سجلاً مدنياً نتيجة زواج والدهم من والدتهم اليمنية. ثلاث بنات وثلاثة أولاد انتقلوا للعيش عند أخيهم لأبيهم بعد وفاة والدهم، الذي لم يكن أفضل منهم حالاً، نتيجة تراكم الديون عليه إضافة إلى إيجار منزله. يقول أبو محمد:"ظروفي الصعبة أجبرتني على الاقتراض من البنك أكثر من مرة، حتى تجاوز الدين 160 ألف ريال، وبعد وفاة والدي أصبحت المسئول الوحيد عن إخوتي، إضافة إلى أبنائي الأربعة وزوجتي وإيجار المنزل والديون المرهقة"، مشيراً إلى أنه لم يستطع الحصول على الضمان الاجتماعي لأشقائه الأيتام نتيجة عدم وجود سجل مدني لهم. ولفت أبو محمد إلى أنه يراجع إدارة الأحوال المدنية في جازان منذ أكثر من عام، لاستخراج السجل المدني لأشقائه، مستدركاً:"ارتباطي بعملي في مدينة الرياض تسبب في تأخر إجراءات استخراج السجل المدني، ولم استطع نقل المعاملة إلى أحوال الرياض حتى أتابعها". ويؤكد أنه اضطر إلى ترك منزله القديم لحاجة صاحبه إليه، ما اضطره إلى الاستئجار في شرق العاصمة،"لم أجد سوى منزل ب 16 ألف ريال في حي النسيم، بعد أن طالبني صاحب المنزل الذي كنت أسكنه بالخروج لرغبته في إعادة بنائه واستثماره". ولا يخفي أبو محمد أن أكثر ما يؤرقه هو عدم تعليم أشقائه،"إخواني لم يستطيعوا التعلم"، موضحاً أنه حاول ضمهم إلى إحدى المدارس، سواء عن طريق نظام المنازل أو محو الأمية، من دون فائدة،"هناك مدرسة وافقت على أن تلتحق شقيقاتي بها مستمعات ولا يحصلن على شهادة، إلا أن المدرسة تقع في حي الوزارات".