فعلاً، لله في خلقه شؤون! حيث خلق الله البشر، وخلق بهم صفات وطباعاً، بعضها متشابه، وبعضها مختلف، وزرع في بعضهم الأخلاق الحسنة والبشاشة وحسن المعاشرة والخوف منه سبحانه، وزرع في آخرين طباعاً لا تُحتمل. هناك شريحة من البشر تحب خدمة الآخرين، في أي مكان أو موقع، تجدهم سباقين للخير، يعشقون"الفزعة"، ولا ينتظرون منك مقابلاً، سوى أن يرضى عنهم الله وأن يَرضَوا هم عن أنفسهم. وهناك شريحة والعياذ بالله، تعشق هواية ذل الآخر! والأمثلة كثيرة ولا حصر لها. ففي أحد الأمثلة، تجد مسؤولاً في إدارة حكومية يعطل معاملة مواطن ويماطل فيها أسابيع وشهوراً، لماذا؟ لأن هذا المواطن بسبب كثرة انشغالاته وارتباطاته تجرأ وقام بتوكيل مواطن آخر، ليقوم بحسب النظام المتبع بإنهاء إجراءات هذه المعاملة الحكومية نيابة عنه! فيرفض المسؤول استقبال المعاملة من الوكيل، ويطلب منه حضور صاحب الشأن..! فيترجاه الوكيل: يرضيك..! يهديك!! يرحم والديك...، خلصنا! موكّلي لا يستطيع الحضور، الرجل خارج المملكة أصلاً! والوكالة تمت بحسب النص القانوني والشرعي! وهي نظامية 100 في المئة! وأوراقنا كاملة! يكفيك مماطلة...، ويكفيك تعطيلاً لمصلحة الخلق! فتجد"رأسه وألف سيف"إلا أن يحضر هذا المواطن المغرور"اللي شايف نفسه"، ويَمْثُلَ أمامه صاغراً ذليلاً! وكأن لسان حاله يقول:"وش السالفة؟! كل من صار عنده قرشين صار يرسل له وكيل بالنيابة عنه! لا يا حبيبي، خل موكلك يجي قدامي هنا ويتذلل لي... ويترجاني.. وبشوف وبفكر في الموضوع إن كنت بمشِّي المعاملة أو لأ... مراجعين آخر زمن"! وفعلاً، عندما يأتي المواطن صاحب الشأن، ويمثل أمام المسؤول الموقر، يتبادل معه الأخير أطراف الحديث، ويوطد العلاقة معه، ويقول له بطريقة غير مباشرة:"حاجتك عندي، إذا بغيت شي مرة ثانية لازم تعرف إني أنا اللي أمشِّي الأمور هنا..، وسالفة الوكلاء هذي ما تمشي معي...!"وفجأة، تنتهي المعاملة، وتختفي كل العقبات، ويتضح أن الموضوع كان مجرد إشباع غرور المسؤول الذي ينظر لإدارته على أنها إدارة أبيه.. وليست إدارة رسمية سخرتها الدولة لخدمة الناس وليس لذلهم والتنكيد عليهم. وهناك عشرات، بل مئات الأمثلة الأخرى، التي يقوم فيها كثير من الموظفين بفتل عضلاتهم على خلق الله، وفرض ما تمليه عليهم أمزجتهم وليس ما يمليه النظام! الأمثلة كثيرة، وهي من الواقع الذي نعيشه وليست من نسج الخيال، ولو تركت المجال لقلمي للكتابة عن هذا الموضوع، فلن تكفيني فيه مجلدات من المقالات! وسيظل واقع حال بعض مسؤولي الإدارات ترغيم الأنوف.. وسماع كلمات الرجاء.. والتلذذ بإذلال الناس والتنكيد عليهم! ولكن طالما أن الله يرى.. ويسمع فهو حسبنا ونعم الوكيل، وطالما أن أبا متعب شدد على حفظ كرامة الناس من جميع المسؤولين فإنّ الله معنا. [email protected]