كانت إجابات الدكتور معجب الزهراني تتجاهل فنون التورية، وتجنح في بعض الأسئلة إلى الرد المباشر، إلا أنه أجاد تسديد الكرات"اللولبية"في رده على بعض الأجوبة، فحيرت كثيراً من الحراس... لا أحد يجهل مناوراته وتسديداته الكثيرة التي أتعبت خصومه، إلا أنه الآن احترف خارجياً في جامعة السوربون، ربما كان هذا سبب هدوئه، إذ لعب بالخبرة أكثر من إظهار المهارة. وكشف الزهراني عن كروت حمراء كثيرة أعطيت له، وإن النادي المقرب إليه هو النادي الأدبي الثقافي في جدة، مشبّهاً الحراك الثقافي، الذي نعيشه بالمصارعة"المرة"، واعتبر الثقافة الكروية بين الحداثة والتقليد، وأن الدوري الإنكليزي والأوروبي، سيدخل"الهوية"و"الانتماء"إلى العولمة بجدارة، مشيراً إلى أن الكبسة من أبرز معوقات اللياقة الفكرية والرياضية، إلا أنه مغرم بها... وفي ما يلي نص الحوار: هناك مقولة تقول:"يا من في المدرجات لا تنتقد من في الملعب"... أين تقع أنت؟ - أنا قريب من النهر الآن... أعني نهر السين طبعاً. نشاطك في جامعة الملك سعود هل هو في المدرجات أو في الملعب؟ - في قاعات المحاضرات فقط. لو حظي التعليم بمثل ما حظيت الكرة... ما الذي سيتغير؟ - لكان اللعب أجمل وأرحم مما هو عليه الآن... ربما!. هناك مطالبات بتخصيص الأندية، في رأيك لماذا لا تخصص الجامعات؟ - اسألوا المعنيين بسوق الأسهم. محاضراتك الجامعية تتهم بعدم توزيع الأدوار، إذ يشعر المتلقي كأنه داخل ملعب كرة أميركية، لماذا؟ - ليتك درست معي لترى وتحكم. هل تقوم بتدريبات فكرية أو تكتفي باللياقة السابقة؟ - كل يوم أبدأ بالقراءات وأنتهي بها وإلا لما حرصت على مقابلتي. معروف أنك ممن يعنى بالجمال... في رأيك أين يكمن الجمال في عالم الرياضة وفي كرة القدم بوجه خاص؟ - يكمن أولاً وبعد كل شيء في الحوار بروح رياضية. الاستفزاز سجية لك، وصفة ملازمة لك... ألا تخشى أن يكون مصيرك مثل مصير خالد قهوجي حين استفز جمهور النصر؟ - لم أستعمل اللغة لأرجم بالكلمات أحداً وأرجو ألا يرجمني أحد بسوء الظن. تسأل الطلاب المتدينين في محاضراتك عن ممارستهم للرقص... هل أنت تجيد الرقص، وخصوصاً رقصة السامبا البرازيلية؟ - في علم الجمال لا بد من رسم شجرة الفنون... وهناك من يعترض على ذلك، فأذكره، بأن فنون"العرضات والسامريات"منها فلماذا نكره الأشجار الجميلة؟ هل تعد نفسك في الساحة الثقافية محترفاً أو هاوياً؟ - محترف مع المحترفين وهاو مع الهواة. بعد أن انضممت لإحدى الجامعات الفرنسية كمحاضر، كيف تقوّم"نطحة"زيدان للاعب الإيطالي؟ - الرد بالنطح على الكلام لا يليق بلاعب رمز مثلك يا زين الدين. البعض يقول إنك تقوم بدور اللاعب الإيطالي، ولكن مع مجتمع بأكمله؟ - ثقافة قال وقال لا تعنيني كثيراً. ما الذي ينقصك أكثر اللياقة الرياضية أو اللياقة الحوارية؟ - أنا في حاجة دائمة إلى المزيد من اللياقة، ولذا لا أزكي نفسي ولو توهم الجاهلون. كم كرتاً أحمر أطلق في وجهك؟ وهل تعرضت لإيقاف؟ - مرات كثيرة ولكنني لست مصارع ثيران. ما الأكثر تهوراً في نظرك المشجعون أو الروائيون، ولماذا؟ - المهني الذي لا يحسن عمله. رواتب اللاعبين، هل تسيل لعاب الأكاديميين؟ - إذا سلمنا من الأذى فذلك يكفي لنواصل العمل من دون ملايين. يقال إن عقل اللاعب يظهر في قدمه، عقل المثقف أين يظهر؟ - على لسانه وقلمه، ألا تعرف هذه البدهية ؟ أي الهوايتين تساعد على الهروب، الكتابة أو الكرة؟ - كلاهما كر وفر من أجل هدف ما. هل المشهد الثقافي يمثل مجتمعاً أكثر أو المشهد الرياضي؟ - كلاهما، وهنا يكمن الفرق بين من يلعبون بالأسلحة ومن يلعبون بالكرة والنرد. الحضارة والمدنية لماذا لم تؤثرا في المشجعين؟ - لعلها ظهرت عليهم أكثر، مما تظهر على من يكره الرياضة والرياضيين. الأدلجة كفكر... هل وصلت إلى حمى الرياضة؟ - لا أظن لحسن الحظ... وإلا لوجدنا من يطرد اللاعب، لعدم التكافؤ في النسب، ويا للفضيحة! الكثير يتغنى على أمجاد ماجد عبدالله، لندرة تكراره... المثقفون هل لديهم من يتغنون به في العصر الحالي أو يكتفون بالتغني بالجيل الماضي؟ - اسأل حمزة شحاتة وأحمد السباعي وحمد الجاسر. اللاعب يختصر طريق الشهرة في لمحة بصر... هل الروائيون الجدد يقتفون آثارهم؟ - نعم، ولكن بعد تضحيات تكاد تفقد الشخص بصره. ما النادي الأقرب إليك؟ - النادي الأدبي الثقافي في جدة. أين تضع كرة القدم في سلم اهتماماتك؟ - أمارس رياضة المشي في حديقة قريبة مني، لأنها تذكرني بالفلاسفة المشائين. ماذا ينقص اللاعبون السعوديون من وجهة نظرك؟ وكذلك الجماهير؟ - رياضات الرمال والجبال. أي الألعاب الرياضية التي تشبه واقعنا الثقافي؟ -"المصارعة المرة". لو افترضنا أن للتيارات الموجودة في الساحة الثقافية فِرقاً... أيها سيتصدر الدوري؟ - شعراء الملايين بكل تأكيد. يستعان بالحكم الأجنبي لحل الشكوك التي تنتاب الحكام... هل ثقافتنا الحالية تحتاج إلى حكم أجنبي يحل أزمتها؟ - أظنها تورطت في ذلك وإلا لما كنا متهمين، وهناك من يطالبنا بإصلاح كل شيء. ما الأشياء الإيجابية التي تراها في الجانب الكروي، ويفتقدها الواقع الثقافي؟ - الاحتفالات الدورية بالفرق الفائزة. هل الثقافة الكروية حداثية أو تقليدية؟ - بين بين... هل تابعت الفرق البرازيلية ذات يوم؟ يقال إن الموسيقى والفن هما وسيلتا التواصل بين الشعوب... هل يمكن أن تصبح الرياضة كذلك؟ - الفنون كلها هكذا ولذا هناك من يكرهها أو يحرمها. العودة إلى مدرجات الملاعب بعد أن عانت فترة سابقة من الركود... هل هي حال صحية؟ - تخيفني فكرة العودة هذه... فدعني أحلم قليلاً. ثقافة اللاعبين... هل هي مثل لياقة المثقفين؟ - الكبسة لا تساعد أحداً على اللياقة ولذا أتجنبها على رغم أن ولعي بها. أيهما أكثر ديموقراطية وتطبيقاً لثقافة الانتخاب، رؤساء الأندية الأدبية أو رؤساء الأندية الرياضية؟ - كلهم في الهم شرق. التعايش المذهبي والطائفي في الجانب الرياضي أقوى منه في الجانبين الثقافي والاجتماعي... لماذا؟ - بدأت تخوض في العمق، فلماذا لا تحيل الأمر إلى فقهاء المذاهب عسى ولعل. من المثقف الذي يستحق أن يوضع في"دكة"الاحتياط؟ - من يتوهم ويصدق أنه الأفضل دائماً. يقول المفكر جمال سلطان:"الحوار الصحافي يحرم بعض المثقفين من ممارستهم المتقنة لفنون الشعوذة الأكاديمية"، هل تستخدمون شعوذة أكاديمية أو"الدنبوشي"في نقاشاتكم الثقافية، كما هو موجود في الأساطير الرياضية؟ - لم أفهم المصطلح، لأنه لم يمر علي في أي كتاب أو مجلة محترمة. انكباب الشباب على الدوري الإنكليزي والأوروبي... هل سيؤثر في الهوية والانتماء، كما يقول البعض؟ - سيدخلها العولمة بجدارة. لو كنت لاعباً كروياً... هل ستحقق شهرة، وتنتقل إلى فرنسا لتحترف؟ - ربما... فأنا جاد في ما أفعل، صادق في ما أقول وحظي لا بأس به... إلى الآن. انتقالك إلى فرنسا للاحتراف أو للاستفادة من خبراتك؟ - الآن أحاول أن أكون عند حسن ظن من دعا ومن تفهم ودعم، وبعد الرحلة المشتهاة، سأجيب بدقة أكثر... هذا إن قبلت بحوار كهذا مرة أخرى.