جميل هو الخبر الذي أوردته إحدى الصحف المحلية عن التعهد بتعيين كل خريجات التمريض بعد أسبوع واحد من التقدم للوظائف، ولكن بشرط جوهري هو أن توافق على أن تعمل في أي مكان في المملكة! التعهد رائع، وما أراه في المستشفيات حالياً عن الممرضين ومعظمهم من الشباب السعودي ويعملون بكل نشاط وحيوية واحترام وتفانٍ يعطينا أملاً كبيراً في المستقبل المشرق بإذن الله، ولكن مشكلتنا هي العرف الاجتماعي العام، الذي يضع الفتاة وأسرتها في مأزق ما بين الإيمان بالدور المهم الذي تقوم به كل فتاة اختارت العمل كممرضة، وقد اختارت هذه المهنة لأنها مهنة إنسانية بالدرجة الأولى، وهى مهنة عائدها الأول، دعوات المرضى وألسنتهم التي تلهج بالثناء والدعاء لها ولمثيلاتها، ثم الراتب المغري الذي قد يُحفز بعضهن على تحمل"تعليقات"بعض الأفراد، والتي تنم عن جهل كبير، والذي أسمعه كثيراً من الممرضات اللاتي تلوك سيرتهن ألسنة بعض الجهلاء. والسبب الخطير والفظيع الذي ينم عن جهل مطبق هو عملها في مستشفى يمتلئ بالمرضى ويعج بأصواتهم وصرخاتهم التي تحتاج لكل يد حانية مدربة ومثقفة، ترى أن خدمتها لهذه الفئة هي خدمة دينية، ووطنية في المقام الأول... وعلى رغم النجاحات فإن المعوقات الثقافية والاجتماعية التي مازالت تدفع بعض الفتيات للهرب من هذه المهنة الإنسانية المحترمة، للتخلص من شبح العنوسة واللحاق بقطار الزواج والأمومة والاستقرار. ومشكلتنا الرئيسة التي لم تحل بعد تكمن في أن العرف الاجتماعي، والصورة الانطباعية عن عمل الممرضة، لا تزال صورة نمطيه لم نستطع بعد تغييرها! ماذا لو أقمنا يوماً لتغيير هذه الصورة، خصوصاً للممرضات تحت شعار"ممرضة ولي الفخر"نبدأ بتعزيز قيمة هذا العمل الشريف، ونبدأ بتشجيع فتياتنا على الانخراط فيه بتكريم من سبقهن، خصوصاً أول من خضن التجربة وسبحن ضد التيار، في مجتمع يتفرغ بعض أفراده لتحطيم الناجحين والناجحات، بتشويه صورهم وصورهن، والنيل من سمعة الجميع لمجرد أن الفتاة تعمل كممرضة. قرأت الخبر الذي يقول إن 3 في المئة من فتياتنا فقط مؤهلات للعمل كممرضات، لأن التصنيف الحالي يتطلب دراسة أكاديمية بواقع خمس سنوات وليس سنتين كالسابق. المشوار أمامنا طويل، وحتى تسير فيه فتياتنا بكل سهولة لا بد من تسليحهن بأسلحة تمكنهن من المضي قُدماً، وأولها الحافز المادي الذي يشكل دافعاً مهماً، مع مراعاة أوقات الدوام وتكثيف الدور الإعلامي عن طريق الإعلانات المدروسة، التي من شأنها تغيير الصورة النمطية السلبية، وعن طريق المسلسلات التلفزيونية لتوضيح الدور المهم الذي تقوم به الممرضة السعودية. بلادنا الجميلة في حاجة ماسة لكل الكفاءات وفي مختلف المجالات، ونحن بدأنا بالفعل، ولكن بعض العقول ما زالت في حاجة إلى غسيل مخ حتى يتمكن أصحابها من رؤية المرأة أختاً وأماً وبنتاً وزميلة وإنسانة محترمة، تستطيع أن تخدم مجتمعها بكل جدارة، مثل أخيها الرجل وربما أكثر، بدافع شعورها بقبول التحديات أمامها لتنتصر عليها، وتثبت جدارتها بالثقة في قدراتها! [email protected]