يظل مفهوم الإصلاح بمعناه الشامل في حاجة دائمة للتطوير والتغيير، مواكبةً لحقيقة التغيير والتبدل التي تفرضها مجريات الأحداث ومنتوج نشاطات الحياة الإنسانية ذات الإيقاع المتسارع. فالقراءة المتأنية والمتبصرة لتلك المخرجات كفيلة من دون شك للوصول إلى ملاءمة أفضل وأجدى تتسق مع طبيعة الواقع المعاش، بعيداً عن التنظيرات الكلامية القائمة على الرؤى الفردية لا المؤسسيّة والتي في غالبها انبهار وقتيّ سيزول ولو بعد حين بنماذج أخرى، صنعتها عجلة التاريخ بعد تجربة رسّخت لدى تلك الأمم قيّماً آمنوا بها وحرصوا مع تقادم الزمن على الحفاظ عليها كجزء لا يتجزأ من هويتهم الإنسانية، وهم يحرصون دوماً على تحديثها والتمسك بها كمنهجية حياتيةٍ لهم، غير أن محاولتهم لتصديرها لبقاع أخرى من العالم، ليست إنطلاقاً من المثالية الأخلاقية أو لإيمانهم بأحقية الآخرين بالأفضل. وإنما هي تجسيد لفكرة الزعامة أو القيادة الحضارية لغيرهم من الأمم، فهم في المقدمة، لذا لابد أن يسير الآخرون على هدىً من خطواتهم من دون أدنى حس بجودة ذلك من عدمه. إن عالم اليوم يجيد أكثر ما يجيد لغة المصالح التي تحرك الدول وتشكل سياساتها المختلفة، التي ليسَ لها قاعدة ذات مرجعية مُؤطرةٍ لها، أو سقف يكون الإطار المُحدد لها، فكان الفخ المغري بمظهره الجميل بالنسبة للبعض، دافعاً للركض وراء تلك المسميات باعتبارها قيّماً صالحة لتطبيقها على شعوبنا من دون إدراك أو اعتبار للمغزى الحقيقي لتلك الشعارات البراقة، أو حتى لمبدأ التدرج وللصفة المرحلية الضرورية لبناء أي نهضة حضارية إنسانية، فمن المستحيل وجود عصا سحرية تقلب المشهد إلى واقع مبهج مغرق في الوردية، ومتوشحاً بالمثالية الصرفة، فالتسرع يولد التخبط الموصل حتماً للفشل والذي ستكون نتائجه حتما ًوخيمه بلا ريب. أحمد بخيت القثامي - الرياض