دعا ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران المفتش العام الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود"لدرس ومراجعة وتطوير الأنظمة بما يتوافق مع الشريعة الإسلامية من ناحية، وإبراز سماحة الإسلام وكفالته حقوق المسلمين وغيرهم في العلاقات التجارية والمعاملات الإنسانية من ناحية أخرى... فالعدالة في الإسلام مكفولة لكل الناس". وأكد ولي العهد في كلمة ألقاها خلال افتتاحه"المؤتمر الثالث للتحكيم الهندسي"، في مركز الأمير سلطان بن عبدالعزيز للعلوم والتقنية سايتك في الخبر أمس، أن"التحكيم المقنّن وحماية الحقوق الفكرية لم تعد مطلباً ملحاً في مجالات الهندسة والمشاريع الدولية فحسب، بل في جوانب الحياة كافة، التي تستوجب تحقيق العدل والإنصاف والمساواة"، معتبراً"أن هذا أساس من أسس ثقافتنا الإسلامية التي نلتزم بالحكم بها". وصَف المؤتمر الذي تنظمه الهيئة السعودية للمهندسين، ب?"المهم"، وقال انه"يحقق التواصل بين المعنيين بشؤون التحكيم الهندسي في دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية، لتبادل الخبرات والتجارب في هذا المجال، وطرح مقترحات عملية لحل النزاعات، وتطوير أنظمة وقواعد التحكيم الهندسي الحالية، بما يتوافق مع الشريعة الإسلامية". وأشار الأمير سلطان إلى صدور نظامي القضاء وديوان المظالم، وعدّ صدور النظامين"منعطفاً مهماً في تاريخ أنظمة القضاء في بلادنا، بما يحققه من أهداف شرعية ووطنية، تحقق العدالة وتيسر شؤون الناس". واعتبر إعلان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز تقديم سبعة بلايين ريال لدعم مرفق القضاء"انعكاساً لما توليه الدولة لهذا المرفق من اهتمام وحرص وتقدير". من جهته، أوضح رئيس مجلس إدارة الهيئة السعودية للمهندسين رئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر الدكتور عبدالرحمن عبدالعزيز الربيعة، في كلمة ألقاها، أن"المؤتمر يهدف إلى تسليط الضوء على أهمية التحكيم في حل وعلاج الخلافات والنزاعات التي تحصل في النشاط الاقتصادي، سواءً في المشاريع العمرانية، أو الصناعية، أو التجارية، إذ يعتبر التحكيم داعماً ومسانداً للقضاء الذي تعمل به بلادنا وفق الشريعة الإسلامية".وذكر الربيعة أن"استخدام منهج التحكيم في قضايا الخلافات في الأنشطة الاقتصادية مطلب أساسي، خصوصاً بعد انضمام السعودية إلى منظمة التجارة العالمية WTO، ودخول شركات عالمية للمشاركة في عملية التنمية"، مضيفاً:"تم تطبيق التحكيم في الدول المتقدمة من العالم منذ قرابة قرن، وله مؤسساته وأنظمته ومراكزه المتخصصة، إذ يساعد على تخفيف ما نسبته 50 في المئة من القضايا المنظورة في المحاكم العامة"، متطرقاً إلى المميزات الأساسية للتحكيم التي"تتمثل في أن من ينظر في قضية الخلاف متخصصون في المجال نفسه، إلى جانب سهولة إجراءات التقاضي وسرعة البت في القضية الخلافية بين أطراف النزاع، لذا جاء انعقاد هذا المؤتمر لمناقشة جوانب التحكيم بين المختصين في المجالين الهندسي والقضائي القانوني، بمشاركة وزارة العدل، وديوان المظالم، ومنظمات خليجية وعربية وعالمية، ليصل الجميع إلى مقترحات وتوصيات توضع بين يدي ولي العهد، لغرض تفعيل منهج التحكيم". من جهته، ذكر المحكّم الدولي المهندس محمد سعيد فتحة، في كلمة الجهات العلمية المشاركة في المؤتمر، أنه"على رغم حداثة عمر الهيئة السعودية للمهندسين في شكلها وإدارتها الحالية، إلا أنها أصبحت، وفي هذا الوقت الوجيز، من أكثر الهيئات الهندسية نشاطاً، سواءً على صعيد تطوير العمل المهني والعلمي في الاختصاصات الهندسية داخل السعودية كافة، أو في تفاعلها مع الهيئات الهندسية العربية والدولية، إذ استطاعت الهيئة تبوؤ مكانة مرموقة وفاعلة في الاجتماع الأخير للمجلس الأعلى لاتحاد المهندسين العرب، الذي عُقد في عمان خلال نيسان ابريل الماضي، الذي تمت فيه مناقشة مشروع تطوير وتحديث النظام الداخلي لهذا الاتحاد، ليواكب التطور العالمي في مجال العمل الهندسي والتقني". وأوضح المهندس فتحة أن"من بين النشاطات العلمية والاجتماعية والمهنية التي تقوم بها الهيئة، تنظيم الندوات والمؤتمرات والدورات التدريبية الهادفة إلى مواكبة التطور العلمي وحاجات سوق العمل للمهندسين"، معتبراً أن التحكيم والوسائل البديلة لفض النزاعات"من أهم الوسائل الحديثة لفض النزاعات في العقود الهندسية والإنشائية، إذ يُعّد التحكيم أقدم صُور التسوية السلمية للمنازعات وأحدثها في آن واحد، فقبل وجود الدولة الحديثة ووجود القضاء كان للناس بطبيعة الحال علاقات، وتنتج من هذه العلاقات خلافات ومنازعات، وكان لا بد من وسيلة لفضّ هذه المنازعات، إذ كانت صورة التسوية السلمية آنذاك هي اللجوء لذوي الشأن، لرجل الدين، أو شيخ القبيلة، أو أحد الحكماء، كي يفصل في نزاعهم، ويرتضي المتنازعون ما ينتهي إليه ذلك الشخص". وأردف قائلاً:"ما جعل القيمين على إنتاج العقود الهندسية النموذجية والمؤسسات الدولية كال?"فيديك"والبنك الدولي، ومحكمة التحكيم لدى غرفة التجارة الدولية في باريس، وغيرها من المؤسسات المشابهة، تلجأ إلى ابتكار الوسائل البديلة لفض النزاعات، من مجلس فض النزاعات إلى الوسائل الودية من مفاوضات مباشرة، أو وساطة، أو غيرها، كمرحلة أولى لفض النزاع، هو ما نشهده في العصر الحديث، ومع التطور الكبير في وسائل الاتصال والنقل في عصر العولمة، والحدود المفتوحة، والشركات العابرة للقارات المتعددة الجنسية، التي ينتشر عملها في عدد من الدول مع اختلاف القوانين والأنظمة من دولة إلى أخرى، وكذلك إزاء التطور الكبير والمتسارع في صناعة الإنشاءات والأعمال الهندسية، إلى جانب تعدد العقود، ووسائل التنفيذ، والتكنولوجيات، والمواصفات، ووضع قواعد سلوك للمهندسين والمشتغلين في هذه الصناعة، ونظراً إلى طبيعة هذه العقود الخاصة وانتشارها في العقود الدولية، التي يُسمح فيها عادة بإجراء التغييرات والتعديلات، فضلاً عن طول مدة تنفيذ هذه المشاريع، وتغيّر القوانين والأنظمة والظروف المحيطة، التي ينشأ عنها غالباً بعض الخلافات والنزاعات التي تحتاج إلى وسائل سريعة لفضّها، وعدم انتظار حكم القضاء الذي قد يطول".