اطلعت على ما جاء في مقال المدير العام لتحرير"الحياة"جميل الذيابي الذي نشر في الصحيفة في العدد رقم 15976 بتاريخ 31 كانون الأول ديسمبر 2006، في عموده جدار الماء، تحت عنوان"نُحر في يوم النحر". المقال في حد ذاته مقال جميل ومعبر عن الحدث، وما كتبه هو تعبير صادق ووافٍ يدور في خلد كل إنسان مسلم حادب على دينه، يعلم ويدرك معنى الإنسانية وفرحة الأضحية. لذا بدأ مقاله بسؤال عما يضير لو أجل إعدام الرئيس العراقي السابق صدام أسبوعاً أو أسبوعين، حتى تنقضي فترة الاحتفال بعيد الأضحى المبارك، وبعد ذلك يتم تنفيذ الحكم، وهو لا يعترض على إعدامه بل يعترض، مثله مثل المسلمين، على اليوم الذي اختير لتنفيذ الحكم. هذا ما أرق المسلمين جميعاً، لأنها بالفعل إهانة بالغة لكل المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وفعلاً كما قال كاتب المقال:"إنها الاستهانة بقدسية الزمان والمكان، والرغبة الحقيقية في تأجيج مشاعر العرب والمسلمين واستثارتها"، نعم، هذا هو القصد والمراد بتلك الفعلة الشنيعة التي فعلوها في يوم عيدٍ من أبرك الأعياد بالنسبة للمسلمين. ومن اتخذ ذلك القرار لم يغتل الفرحة في بلاد الرافدين فقط، بل اغتالها في قلوب الأمة العربية خصوصاً والمسلمين عموماً، ليحلو لهم ذلك، ويؤكدوا لنا أنهم فعلاً أصابونا في مقتل، وأذلوا العرب والمسلمين في آن واحد، وها هو التاريخ يشهد لهم بذلك وكذلك اليوم الذي لم ولن ينساه العرب والمسلمون في تاريخهم الحديث مهما طال بهم الأمد. إن من أصدر هذا القرار، لا يهمه أمر المسلمين أو العرب في شيء، سواء كان ذلك في مشاعرهم أو في شعيرتهم الدينية، ماداموا غير مسلمين، وفي الوقت نفسه يعلمون علم اليقين قدسية هذا اليوم بالنسبة للمسلمين في جميع أنحاء العالم. لذا اتفق مع الكاتب في كل ما ذكره في مقاله، ولكن هنالك ما لفت انتباهي في المقال في الفقرة التي ذكر فيها:"إن صدام حسين كان يحضر إلى المحكمة"زولاً"أي بجسده لا بعقله فهو أشبه بالميت". وقفت عند هذه الفقرة كثيراً وقرأتها أكثر من مرة، وسألت نفسي كثيراً ماذا يقصد"الكاتب"بتلك العبارة أو بالأصح بمعنى كلمة"زولاً"لأني أنضم إلى من تنطبق عليهم كلمة"زول". لأن كلمة ال"زول"تطلق علينا نحن السودانيين، فلها معنى ومدلول عند الإخوة السعوديين في لحظة التفوه بها، نعلم وندرك ونفهم المقصود بها في تلك اللحظة، التي تقال فيها كلمة يا"زول". في مفهومي البسيط هي عبارة عن كلمة تطلق للفت انتباه أي شخص سوداني يراد التحدث معه من دون معرفة اسمه، لذا يقال له يا زول، أو يا زول تعال أو اذهب أو افعل كذا. هذا ما أعلمه بحكم وجودي هنا في السعودية. أما في اللغة العربية فكلمة"زول"تعني خفيف الحركات، الفطن، الشجاع الذي يزول الناس من شجاعته... وفي خفيف الحركات يفضل صاحب المصنع العامل الزول. لذلك وقفت كثيراً عند تلك الفقرة التي ذكرها الكاتب في مقاله، متأملاً قوله إنه كان يحضر إلى المحكمة"زولاً"، فهل كان الكاتب يقصد المعنى الأول الذي ذكرته وأوضحته؟ أم كان يقصد المعنى الثاني الخاص بأصل الكلمة في اللغة العربية"زول"أو زولاً. فإذا كان الكاتب يقصد المعنى الأول ? كان يحضر"زولاً"فقد أصاب وبلغ ما يدرك... أما إذا كان يقصد المعنى الحقيقي لكلمة"زول"في اللغة العربية فقد أخفق في التعبير وخانته قريحته في ذلك، والدليل على ذلك ما ذكره بأنه كان يأتي بجسده لا بعقله فهو أشبه بالميت، بعد أن سقط نظامه ومرغت بكبريائه الأرض وقتل ابناه سوياً، وشردت أسرته وعائلته، وسجن رفقاء دربه ووزراؤه، أبعد كل هذا كان يحضر إلى المحكمة"زولاً"؟! هذا هو ما لفت انتباهي واختلف مع الكاتب فيه في كلمة"زول"لأنني لم أدرك ما يصبو إليه أو يقصده في مقاله الرائع الذي أثلج صدورنا به، ولم أدرك المعنى الذي يقصده الكاتب أهو الأول أم الثاني؟ جعفر حمودة - الرياض J- [email protected]