ما إن يهل شهر رمضان المبارك، حتى يطغى شهر الصوم على مضمون الرسائل القصيرة التي يتداولها على نطاق واسع السعوديون عبر الهاتف الجوال. ولا يتوقف مضمون الرسائل على التهنئة بالمناسبة وتبادل النكات، وإنما يتعداه إلى الحث على فعل الخير، إذ يسعى عدد من الدعاة إلى استثمار المناسبة في توجيه رسائل دعوية تدعو إلى المبادرة للطاعات. وتحمل رسائل الجوال بشأن شهر الصوم رمضان خصوصية قد لا تكون موجودة في دولة عربية أخرى. ومن أشهر الرسائل المتداولة هذا العام"بنسيم الرحمة وعبير المغفرة وقبل الزحمة أقول رمضان مبارك"، و"يا رب يا حنان يا منان بلغ قارئ الرسالة رمضان واجعله يزهى حسناً وسط الجنان"، و"باقة أزهار وورد وسلة بخور وعود وان شاء الله رمضان علينا وعليكم يعود"، و"اكتمل قمر شهر شعبان كتب الله لك الغفران وبلغك شهر رمضان". وتتميز كل منطقة في السعودية برسائلها الخاصة إلى جانب الرسائل التي يقبل عليها غالبية السعوديين. ففي الطائف مثلاً تنتشر رسائل، مثل"يا ورد الطائف رشيه ومن نداك اسقيه وبعطر الكادي طيبيه وبقرب رمضان هنئيه". ولكن تبقى للرسائل الخاصة بأهل مكةالمكرمة نكهة خاصة لدى السعوديين، ومنها"يا حمامة الحرم زوريه ومن زمزم اسقيه ومن عطر الكعبة طيبيه وبقرب رمضان هنئيه". وتشتمل رسائل التهنئة بقدوم رمضان لهذا العام على بعض الدعابات مثل"إبليس يهنئكم بشهر رمضان ويذكركم بأنه سيعود قريباً"، و"مساء ممزوج بآيات القرآن حفظكم من كل شيطان وبارك لكم حلول رمضان"...إلخ. وتظهر بقوة خلال شهر رمضان الرسائل الدعوية التي تحفز على العمل والمبادرة بعمل الخيرات في رمضان وتتضمن عبارات مثل"ليكن شعارك في رمضان: لن يسبقنا إلى الله أحد". ولم يفت عدد من الجهات الدعوية، أن تستفيد من هذه الخدمة، فيتلقى السعوديون على هواتفهم الجوالة رسائل تذكر بمواعيد المحاضرات وأماكنها والمناسبات الدينية والاجتماعية الأخرى. وتضمنت رسائل المؤسسات الخيرية دعوات للاسهام في مشاريع لإفطار الصائمين، منها على سبيل المثال"إفطار أسرة فقيرة مكونة من ستة أشخاص ودعم أنشطة خيرة ب20 ريالاً فقط، فبادر، فأنت أهله، وذكر بهذا نفسك". يشار إلى أن نسبة انتشار رسائل الجوال بين المراهقين والجامعيين هي العليا على مستوى الوطن العربي، وبلغ متوسطها في السعودية أكثر من 100 مليون رسالة شهرياً خلال العام الحالي بحسب إحصاء شبه رسمية نشرت أخيراً. ومع إدخال خدمة رسائل الوسائط المتعددة، أصبحت الصور ترافق العبارات السابقة. ويرى اختصاصيون في علم الاجتماع أنه على رغم كل ما يؤخذ على استغلال بعض خدمات الهاتف الجوال، فإن الرسائل القصيرة لعبت دوراً أكبر في تبادل التهاني برمضان الكريم والعيدين، وتوطيد صلة الرحم والتواصل بين الأصدقاء والمعارف. وبحسب إحصاء رسمي، فإنه تم تداول 69 مليون رسالة قصيرة و579 ألف رسالة وسائط MMS في أول يوم من رمضان الماضي فقط. ويقول إبراهيم الدخيل"رسائل الجوال أصبحت عادة رمضانية عند المجتمع السعودي"، ويضيف"أحرص في شهر رمضان على تبادل الرسائل الدينية"، مشيراً إلى أنه يرسل رسائل تهنئة إلى الأسماء المسجلة على جواله، علماً بأنها تصل إلى 150 اسماً. ويرى فهد البداح أن الناس يتداولون الرسائل كل بحسب اهتمامه الشخصي،"فأنا اهتم بالرسائل الروحانية الدينية التي تتضمن الأحاديث والأذكار، ولا أرسل غيرها". وعلى العكس يقول عدنان الخضيري 16 عاماً:"خلال أيام رمضان، أحرص على أن أرسل لأصدقائي رسائل تتضمن عناوين وأبرز المسلسلات والبرامج التي سنتابعها في رمضان، ومواعيدها". ويضيف:"المسلسلات الكوميدية والتاريخية هي ما أحرص على متابعته بشغف كبير"، موضحاً أنه يتبادل مع أصدقائه التعليقات على كل حلقة يشاهدونها من مسلسلاتهم المفضلة من خلال الرسائل. ويتابع قائلاً:"أبحث عن الشخصيات الكوميدية في المسلسلات، لأشبه أصحابي بها". وتقول تماضر أحمد:"يقل معدل الانتظام الوظيفي في رمضان، بينما نشهد زيادة في إرسال رسائل الجوال، التي تعتبر إحدى أكبر وسائل التواصل المنتشرة بين السعوديين". ويقول زياد سعد إن بعض الجمل التي تطرح في المسلسلات الرمضانية الكوميدية سرعان ما تتحول إلى نكات يتداولها الناس عبر رسائل الجوال. ويضيف أنه بادر بإرسال رسالة طريفة إلى معظم أصدقائه نصها:"قبل السمبوسة، وأكل البسبوسة، أرسلك أحلى بوسة، وأهنيك برمضان قبل الحوسة".