يحرص والد الطفل عبدالعزيز العبدالله على إبقاء ابنه ذي الأعوام السبعة بعيداً عن شاشة التلفزيون، بعد أن طغت عليها مشاهد القتلى وصور الدماء، بحسب كلامه. ويقول والد الطفل:"لا أستطيع تحمل تلك مشاهدة صور الحرب والدمار التي تنقل من فلسطين والعراق وتفاصيل الدمار في لبنان، فضلاً عن ابني الصغير، فما تنقله الفضائيات لا يغري أبداً بمشاهدتها، وتترك في النفس الكثير من المتاعب والهموم، والشعور بقلة الحيلة". وأشار إلى أن ابنه يسأله دائماً عن صور الأطفال الذين يتساقطون قتلى مضرجين بدمائهم، ويظل عاجزاً عن تقديم إجابة كافية ومناسبة لعمره. ويضيف:"يتضخم لديّ الخوف من أن تطال تأثيرات الحروب ابني الصغير، وتصيبه بالآثار النفسية السيئة، لذا أغير المحطة مباشرة أثناء وجوده بجانبي عند متابعة أخبار الحرب". من جانبها، تقول أم عمار:"أبعد كل شيء من شأنه أن يؤثر في أفكار ونفسية أطفالي الأربعة، وعلاقتهم بالحياة الهادئة، فالصحف والمجلات والفضائيات أحاول بقدر ما أستطيع أن أخفيها عنهم، ولا أدع لهم المجال للتأمل والتعمق بصور الجرحى والقتلى المنشورة عبر الصحف والفضائيات". وتذكر أن بعض الصحف والفضائيات تنشر"أشنع"الصور للقتلى وأكثرها دموية، ولا تلقي بالاً لتأثيراتها السلبية في الأطفال سواءً على المدى البعيد والقريب. واتفق الأطفال الثلاثة أنس وعبير وأميرة أشقاء أعمارهم بين السادسة و12 عاماً، على أنهم يخافون من تلك المناظر التي يشاهدونها، ما بين صور للقتلى والجرحى، وتساءلوا: ما ذنب الأطفال الذين يُقْتَلون ويُجْرَحون؟ من جانب آخر، تركت التغطية الإعلامية المكثفة للحرب على لبنان تأثيراً سلبياً في نفسية من يتابعونها. وبسبب ذلك زادت الشكوى من الأرق والأحلام المزعجة ولم يعد هناك مفر من ربط ذلك بما تعرضه شاشات التلفزيون من مشاهد يتفطر لها القلب. يقول عبدالعزيز 35عاماً إن بيته يخيم عليه الحزن. ويضيف:"حتى والدتي التي يناهز عمرها 70 عاماً، أرى في عيونها علامات التعجب من كثرة جلوسي أمام التلفزيون لمتابعة أخبار الحرب". وبات نوم طارق الخريجي 25عاماً مزعجاً، بحسب قوله، منذ نشوب الحرب العدوانية على لبنان، ويتساءل:"كيف أنام نوماً هادئاً والأخبار تلاحقني في كل مكان، من البيت إلى الاستراحة إلى العمل؟". وعن أحلامه المزعجة التي تقلقه في نومه عبّر طارق عنها بأنها حالة من الهوس التي تصيبه من خلال ما يراه من صواريخ وقنابل وطائرات حربية وكأنه في ساحة المعركة. وتقول أم سعد:"هذه الفترة من أصعب الأيام التي أمر بها، فنومي قليل، وتتخلله كوابيس مزعجة، في ظل ما نشاهده وما يسيطر على أفكارنا ومشاعرنا الداخلية عن الحرب البشعة".