الاتجار بالبشر أو المتاجرة بالأشخاص هي الصورة المعاصرة لنظام الرق، وقد ساعد في انتشارها مبادئ منظمة التجارة العالمية التي تفتح الأبواب أمام حرية تداول رؤوس الأموال، اذ يتم من خلالها إجبار الأفراد على العبودية. لتوضيح كيف أن هذه التجارة تعد عبودية وأنها تشكل مخالفة لحقوق الإنسان قامت المنظمة الدولية لمناهضة العبودية بإعداد نشرة الأسئلة والأجوبة الآتية. ما هو الاتجار بالبشر؟ هل هو عبودية؟ الإجابة: ان الاتجار بالبشر يتضمن نقل الأشخاص بواسطة العنف أو الخداع أو الإكراه بغرض العمل القسري أو العبودية أو الممارسات التي تشبه العبودية، ومع ذلك فانه عند الاتجار في الأطفال لا يحتاج الأمر إلى ممارسة أي عنف أو خداع أو إكراه ضدهم، فكل ما يتم هو مجرد نقلهم إلى عمل استقلالي، يشكل نوعاً من الاتجار، ويعد ذلك عبودية، لأن من يتاجرون بهم يستخدمون العنف والتهديد وأشكال الإكراه الأخرى لإجبار ضحاياهم على العمل ضد إرادتهم ويشمل ذلك التحكم في حريتهم في الحركة ومكان وموعد عملهم والأجر الذي سيحصلون عليه إن وجد. إن الاتجار بالبشر مشكلة عالمية تؤثر في كل قارة وعلى معظم البلدان وهو يحدث داخل وعبر الحدود القومية ويعتبر واحداً من أكثر أشكال الجريمة المنظمة الدولية تحقيقاً للربح. كم عدد الأفراد الذين يتم الاتجار فيهم؟ الإجابة: من المستحيل معرفة ذلك، ومن الصعب الحصول على الإحصاءات، لأن الاتجار في البشر نشاط يتم بطريقة سرية. في تقرير للحكومة الأميركية نشر في عام 2003 يقدر عدد الأفراد الذين يتم الاتجار فيهم كل عام في العالم بما يتراوح بين 800 ألف، و 900 ألف على الأقل. كيف يجري الاتجار؟ يستخدم المتاجرون بالأشخاص مجموعة منوعة من سبل التجنيد تشمل الخطف المباشر والشراء من أفراد الأسرة. غير أن المرأة التي يمكن أن تصبح ضحية للاتجار تكون في معظم الحالات بدأت تلتمس بالفعل فرصة للهجرة حين يفاتحها بالأمر أحد معارفها أو تقع فريسة للإغراء عن طريق إعلان ما. ويجري خداع بعضهن وإيهامهن بأنه سيجري توظيفهن للالتحاق بعمل مشروع أو للزواج في الخارج، ويعرف بعضهن أنه يجري توظيفهن للعمل في تجارة الجنس بل إنهن سيرغمن على العمل من أجل سداد الرسوم الباهظة للتوظيف والانتقال. ويسعى القائمون على الاتجار إلى ممارسة السيطرة على الهوية القانونية للضحية بمصادرة جواز سفرها أو أوراقها الرسمية بعد إدخالها إلى بلد المقصد أو مكوثها فيه بشكل غير قانوني، الأمر الذي يزيد من اعتمادها على المتاجرين بها. ويشيع استخدام عبودية الدَّين في تهريب المخدرات أو الأسلحة وانخفاض معدل الإبلاغ عن الجريمة وهذا أمر ليس من العسير فهمه، لأن ضحايا الاتجار غالباً يعاملون كمجرمين من جانب سلطات الدولة المستقبلة بل وكثيراً ما يحتجزون ويلاحقون قضائياً ويرحلون. وهذه الحقيقة بجانب الخوف من الإجراءات الانتقامية من التجار تعني أن الأشخاص المتاجر بهم لا يجدون ما يحفزهم على التعاون مع سلطات إنفاذ القانون في بلد المقصد. ويؤدي الافتقار إلى معرفة الحقوق القانونية بجانب الصعوبات الثقافية واللغوية وانعدام آليات الدعم إلى زيادة عزلة النساء المتاجر بهن والحيلولة بينهن وبين التماس العدل أو الحصول عليه. وبالنظر إلى أن النساء يشكلن الغالبية العظمى من الأشخاص المتاجر بهم فإن الاتجار يعد عادة مسألة تتعلق بنوع الجنس وناتج من التميز على أساس الجنس، ونادراً ما يحلل من زاوية التميز العنصري. وحين يولى الاهتمام إلى نوعية ضحايا الاتجار تتضح الصلة بين هذا الخطر وتهميشهن العنصر والاجتماعي، وعلاوة على ذلك فان العنصر والتمييز العنصري قد لا يشكلان عاملاً من العوامل التي تشكل خطر التعرض للاتجار فحسب، بل وقد يحدد أيضاً نوع المعاملة التي تتلقاه النساء في بلاد المقصد، وإضافة إلى ذلك فان الإيديولوجية العنصرية والتمييز العنصري والعرقي قد توجدان طلباً في منطقة أو بلد المقصد ويمكن أن يسهما في الاتجار بالنساء والفتيات. وماهي الأساليب التي تستخدم في هذه التجارة: سندات الدين: يتم توقيع المرأة أو الفتاة التي يتم شراؤها في تجارة الجنس على سندات تصل إلى 15 ألف دولار، وهذا الأسلوب معمول به في جمهوريات آسيا الوسطى وروسيا والفيليبين وتايلاند ثم يتم استصدار تذاكر سفر وتأمين إقامة لهن في الدول التي سيمارسن فيها تلك الأنشطة، ومن ثم فان عليها تسديد تلك الديون إلى الوكلاء، وهذا يعني أن عليها العمل لساعات طويلة مع الزبائن لتأمين سداد الدين. الوعود الخادعة بالحصول على أعمال في الخارج: يتم إغراء الفتيات بالحصول على فرصة عمل خارج أقطارهن ويتم إغراؤهن بالهجرة إلى الدول الغنية للعمل بمهن مختلفة، ومن ثم يجدن أنفسهن ضحية عروض وهمية ولا بديل عن العمل في بيوت الدعارة. تقوم مؤسسات بتدريب الفتيات كمغنيات وراقصات ومضيفات ومن ثم يتم اختيار بعضهن للسفر إلى الخارج، وذلك من خلال استصدار جوازات سفر مزورة أو حتى صحيحة، فقط يتم تغيير الأعمال والأسماء بتلك الوثائق وتسفيرهن إلى بلدان أخرى للعمل في النوادي الليلة. صفوة القول في هذا الشأن أن الكلام عن الاتجار بالبشر يقضي التطرق بتفصيل إلى أكثر الفئات خضوعاً للاتجار وهي النساء. * أستاذ في قسم العدالة الجنائية جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية الرياض