في حضور كبير لعدد من المثقفين الشعراء والأدباء، يتقدمهم وزير الثقافة والإعلام الأستاذ إياد مدني، أحيى الشاعر الكبير محمد العلي مساء الأثنين الماضي أمسية شعرية في"بيت الشعر"الذي يدشن أولى نشاطاته، وأدار الأمسية الدكتور سعد البازعي، الذي قال في تقديمه:"لا أعرف أحداً غنياً عن التعريف مثل محمد العلي"، ثم بدأ الشاعر قراءته الشعرية قائلاً: هي قصائد كتبت خلال 50 عاماً، والزمن بُعْد مهم من أبعاد النص". وقرأ أول قصيدة بعنوان:"غربة"1968 يقول فيها: ها هنا حيث لا يرى الحب والشوق طريقاً إلى قلوب العباد/ ويفر الصباح خوفاً من الأعين حتى كأنها من قتاد/ وتلوح النجوم كالجثث الشوهاء بت بها ثياب حداد/ هاهنا، حيث يأنف الزهر أن يبدي شذاه، أن يغتلي في رماد/ يا حياةُ اركضي فقد ذبل النور وشل العناد صوت الحادي. إلى أن يقول: ذكرياتي اخطري فأنت بقايا الكأس من عمر نشوة وحصاد/ سوف أحنو عليك، أصنع من أسرابك الجامحات مائي وزادي/ سوف أجلوك واحة تتغني في ذراها قصائدي بالبعاد. وينتهي في هذه القصيدة بحلم بغداد والعودة: وتكلم يا أنت، يا قبر، يا مذياع، أبكما على أعوادي/ قل هنا أوبه الربيع، هنا دجلة عادت إلى ربا بغداد. ويفرد في الأمسية وقتاً طويلاً ل"الشعر الحر"كما وصفه، مستهلاً منه بقصيدة"دارين"التي يحكيها: في شفاهك رائحة البوح/ ان العصافير هاجعة/ والينابيع ما استمكلت عريها/ والحنين الذي يفتعل الليل/ ما زال منتظر في المدارات/ كنت الصبايا الحبيبات يملأن أعينهم انتظاراً على البحر/ والبحر يبرح أوصافه الأزلية/ يبدي لهن الصبابات/ يضحكن.. ثم يغادرن/ والزرقة المستباحة ذاهلة والنوار في البعد يعشبها الفرح المستهام. ثم قرأ قصائد"مطر"و"غبار"و"هيلا هب هيلا"و"آه متى أتغزل"و"زبد ساطع"التي قال فيها:سأسأل خاصرتي كيف فعل الخناجر؟/هل هي مثل فعل الحجر؟/فضة حاقد/للا شيء؟/أم هي في الخاصرة تئن وتبرئ من نفسها؟/سأسأل خاصرتي/هل تودين شن انتقام؟/هل تودين جدار يصد السهام/ فسألت أي جدار/أجابتني في قلق:/هو أن تفتل الحب. وتناول لغة أخرى في"الوجع"قصيدة، ويعني تعريفاً للوجع:لغة في اللغة/لغة في الحياة التي عفرتها السنين/لغة في المواويل/الوجع ما تراه في الأرض/هل في السماء وجع؟وفي قصيدة"جواب طويل"تساءل عن تلك الساعة التي تجعل القلب يفرط في الضياء فقال:ساعة مع زهرة/ تتسابق ألوانها في تلف القلب/أو ساعة شاردة/مثل قلبين لا يعرفان اصطياد العصافير/لا يعرفان سوى عبث النار/وهي تصاهر بينهما/أو ساعة البوح/تدق تدق وليس هناك/ انه النوم سيد البلد. ثم توقف للمداخلات التي بدأت بسؤاله عن قصيدة النثر، التي ولدت على يد محمد الماغوط، وما إذا كانت هذه القصيدة رحلت بموته، أجاب العلي ان هذه القصيدة لم تمت بموت والدها الماغوط. وحول تجربته فيها قال: هي تجربة لا تستحق لذا لم أكتبها كثيراً. وفي مداخلة للدكتور منصور الحازمي قال إن هذه الليلة هي دلالة على عهد جديد للنادي يقوده البازعي، ووصف شعر العلي انه صعب الفهم والتحليل، ويحمل الكثير من التشاؤم. ويضيف الحازمي ان الطبيعة المتخيلة كثيرة، وهذا النوع من الشعر يحتاج الى الكثير من الوقوف وهو اقرب للشعر الصوفي. وهذا الوصف رحّب به العلي واعتبر ذلك مديحاً من الحازمي، كما أجاب عن سؤال حول تكرار مفردة"الماء"في شعره، وقال انه اشتغل على إخراج مفردة الماء من المعنى المعجمي، لتكون رمزاً في أعماله. وبالسؤال عن المؤثرات الشعرية فيه، أجاب انه لا يوجد على الإطلاق شاعر يمكن أن يحدد المؤثرات الجوهرية في شعره. وعن الحداثة في التجربة السعودية قال:"أولاً أنا لست أباً للحداثة الشعرية، فالحداثة أشبه بلقيطة لها أم ولا أب لها، وتتأتى من مصادر متنوعة وانه لادعاء باطل وعاهر لكل من يردد، انه رائد الحداثة في السعودية، فالحداثة لم نصلها بعد وما زلنا نصرخ اننا اهل لها!". اما عن الانتخابات التي سأله عنها حمد الباهلي فقال:"لم تتحقق لدينا الاشتراطات المهمة للانتخابات، فكيف ستكون لنا تجربة صحيحة فيها؟".