عند الدخول إلى مركز"المواهب"في مدينة الخبر، قد يظن المرء للوهلة الأولى أنه في مركز للّعب والتسلية، إلا أن ما يؤمن به المهندس سعيد عاطف سعيد، موظف في شركة"أرامكو السعودية"مؤسس المركز يختلف، ويقول:"التعليم عن طريق اللعب برنامج بات معتمداً على مستوى عالمي"، ويدلل على صحة كلامه ل"الحياة"بما قاله فيصل العنوة 11 سنة، الذي يشعر بأن"القدوم إلى المركز للتسلية"التي تقع تحت مسمى"التسلية المنتجة والهادفة". ويُعدّ مركز"المواهب"الأول من نوعه في المملكة، وأسسه سعيد بعد مشاركته في العام 2000 في مسابقة"الروبوكوب"التي جرت في ملبورن الأسترالية. ويقول:"كانت بداية احتكاكي مع المسابقة عندما كنت طالباً في جامعة"كورنل"، فكنت ضمن فريق من 25 طالباً، صممنا وأنشأنا رجالاً آليين للمشاركة في المسابقة، وربحنا البطولة العالمية، وبعد عودتي إلى المملكة أنشأت المركز في العام 2003". ويتوزع الأطفال داخل المركز على ثلاثة"معامل"مصغرة، الأول لهندسة الكهرباء، ويتعلم الطفل أن حواسه الخمسة تقابل الاستشعار لدى الروبوت"الذي يجب أن يرى ويلمس ويعرف كمية الضوء وعدد لفات العجلات التي يسير عليها". ويضيف سعيد أن"الأطفال يتعلمون تطبيق الدوائر الكهربائية التي يحتاجونها لتصميم الروبوت". ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل استطاع المركز أن يُعلم مجموعة من الأطفال، بعضهم لم يتعد التاسعة، أن يصنعوا الدائرة الكهربائية للآلة الحاسبة. وينهمك في معمل"الميكانيكا"الأطفال في تركيب مجسم الروبوت من خلال قطع"الليغو"الملونة، التي تنتشر في أنحاء المكان، صحيح أن الفكرة السائدة لدى الناس، كباراً وصغاراً. ويشير سعيد إلى أن"الأطفال يتعلمون كيفية توزيع الثقل في المجسم، وكيف يستغلون القوة للاستفادة من الليغو". لكن الأطفال في المركز لا يصلون إلى نتائج إيجابية دائماً، فقد يصدمون بأن ما قاموا به غير مجد، لكن"الخيبة تدفعهم إلى البحث عن حلول للمشكلات". وسبب ذلك أن"العم سعيد"كما يناديه الأطفال يشجعهم، بأن يحفز في نفوسهم روح التحدي، عبر سؤال منطقي، فيمسكون أول الخيط، وينطلقون إلى العمل من جديد. أما المرحلة الثالثة من العمل فهي"عقل الروبوت أو الذكاء الاصطناعي"، من خلال برمجته، عبر استخدام برامج مخصصة للأطفال"لا تستخدم فيها لغة معينة، بل أيقونات، عبارة عن رموز ترشد الطفل إلى ما يريد إدخاله في عقل الروبوت. وبمجرد إدخال البرنامج على القطعة المخصصة له في الروبوت يصبح الرجل الآلي جاهزاً للعمل". ولأن الدراسة في مركز المواهب تقسم خلال العام إلى مراحل عدة فإن آخر مرحلة بعد مرور الأطفال على المعامل الثلاثة هي تصنيع رجل آلي متكامل يلعب كرة القدم. ويكون الهدف منه المشاركة في مسابقة"الروبوكوب جونيور الدولية"التي تقام سنوياً، واستطاع فريق من المركز العام الماضي المشاركة فيها، وتحقيق نتائج إيجابية، على رغم عدم وصوله إلى التصفيات. ويلفت سعيد إلى أن"مسابقة الروبوكوب عالمية سنوية، يشارك فيها طلاب من المراحل الدراسية كافة، حتى المراحل الجامعية. وبدأت في العام 1992، وهي مؤلفة من ثلاث فئات: مسابقة كرة القدم، ومسابقة الإنقاذ لطلاب الجامعات، ومسابقة كرة القدم للناشئين، إلا أن أبطال اللعبة هم رجال آليون، يؤدون اللعبة ذاتياً. ويقوم الرجل الآلي في هذه المسابقة بأداء الحركة بنفسه، اعتماداً على البيانات الواردة، باستخدام أجهزة تحسس متنوعة. أما البرامج التي تسير حركة وعمل الرجل الآلي فيعمل على تصميمها الطلاب المشاركون في المنافسة، ويقومون ببناء وتصميم الرجل الآلي ليلعب كرة القدم من دون أي تحكم خارجي، أي من دون تدخل بشري، بمعنى آخر يلعب الرجل الآلي المباراة بناءً على الذكاء الاصطناعي. وهذا ما يتعلمه طلاب المركز، فالروبوت عليه التفكير بنفسه، واتخاذ القرار بالحركة التي يجب القيام بها، والمسابقة مشابهة لبطولة العالم في كرة القدم، لكن اللاعبين رجال آليون، ويسعى المنظمون لمسابقة"الروبوكوب"إلى تطوير فريق من الروبوتات شبيه بالإنسان، قادر على الفوز على الفريق الفائز بكأس العالم لكرة القدم في العام 2050، وفقاً لقوانين الاتحاد الدولي لكرة القدم"الفيفا". ويفتح المركز أبوابه للأطفال من عمر ست سنوات وحتى الرابعة عشرة، حيث يقسمون إلى مجموعتين، الأولى هي التي تعمل على"الروبوكوب"والثانية للأصغر سناً، ويعملون على مبادئ الهندسة. ويتقاسم في تدريب الأطفال وتعليمهم المهندس سعيد وسارة الرحيمي. وأعلن سعيد عن انطلاق أول بطولة وطنية للروبوكوب في المملكة في 18 أيار مايو المقبل في شاطئ الغروب، بترخيص من الاتحاد العالمي للعبة، وبمشاركة ستة فرق من مدارس مختلفة في المنطقة الشرقية. كما سينظم المركز في كانون الأول ديسمبر المقبل مسابقة"الليغو"مفتوحة لكل مدارس المملكة.