سرت الطمأنينة والسكون في أرجاء حي اليرموك، الذي شهد مواجهة شرسة مع أشباح الظلام قبل نحو عشرة أيام، انتهت بانتصار كبير يسجل لرجال الأمن البواسل. وتحولت تلك المواجهة إلى مجرد ذكرى يستعيدها سكان المنازل المجاورة لموقع الحدث، تارة للضحك على ردود أفعالهم الخائفة وقتها، وأخرى حمداً لله على سيطرة رجال الأمن على الموقف وانعدام الخسائر البشرية. تقول المفتشة في القوات الجوية أم راكان:"فوجئنا عند الفجر بسماع طلقات الرصاص، واعتقدنا في بداية الأمر أنها مطاردة عادية، ولكن مع اتصالات الجيران ومنع الرجال من الخروج لأداء الصلاة في المسجد، تأكدنا من وجود إرهابيين". وتضيف:"شعرنا بالرعب، وأخذنا ندعو الله بأن تنتهي المواجهة بسيطرة رجال الأمن على الوضع سريعاً"، مضيفة أن ابنها الصغير استيقظ على صوت القنابل والرصاص. وتستطرد متذكرة أحداث ذلك الصباح:"لم يداوم أحد منا أو من الجيران، إذ أُغلقت مداخل الحي، ومنعنا من الخروج من المنازل، فاتصلنا بمقار أعمالنا ومدارس الأبناء لإخبارهم بذلك". وتضيف أن تبادل الاتصالات بين الجيران خفّف من شدة الخوف الذي أصابهم، وإن كان فاجأهم وجود إرهابيين بالقرب منهم. ولا تخفي أم سعود الخوف الشديد الذي أصابها هي وأبناءها في وقت العملية الأمنية، ورؤيتها لتبادل إطلاق النار والتفجيرات وكأنها ألعاب نارية فوق المنازل، وانتشار رجال الأمن في الشارع ومنع السكان من الخروج لمدارسهم وأماكن أعمالهم، وتقول:"حسبنا الله على الإرهابيين، لا يمكن نسيان رعب ذلك اليوم". وتصف ربة المنزل أم ريان الذيابي، التي يبعد منزلها عن موقع الاستراحة عشرة أمتار فقط، ما أصابها بعد إطلاق النيران"الهلع جعلني لا أستطيع حتى إمساك الجوال". وتحكي ما سمعته من الثانية والنصف عبر النافذة في هدوء الليل، من صوت طلقات رصاص مسدسات، ومحاولات لإقناع المطلوبين بتسليم أنفسهم من دون استخدام مكبرات الصوت في البداية، ثم ازداد إطلاق الرصاص وارتفع الصوت مع قنابل تنفجر في السماء، ونداءات متكررة بمكبر الصوت، ثم دوى انفجار قوي سبقه تكبير وتهليل"أعتقد انه صوت احد الإرهابيين قبل تفجير نفسه"، تبع ذلك إطلاق نار عشوائي على المنازل من جهة، وعلى مجمع الواحة الذي يقطنه أجانب من الجهة الأخرى. وتضيف أن ابنها الصغير ريان استيقظ من النوم وهو يصرخ من الخوف:"أمي، أحسّ قلبي يطلع". وببراءة الأطفال تحدث ريان عن طموحه إلى أن يصبح ضابطاً إذا كبر، حتى"يقتل الإرهابيين". وعمّا سمعه عندما استيقظ تلك الليلة أجاب:"صوت انفجار مثل العراق".