التزم أهالي بغداد وثلاث محافظات أخرى حظر التجول أمس، وحضر صلاة الجمعة في مساجد للسنة والشيعة سكان الأحياء القريبة منها، وسط ترقب لما ستؤول اليه الأمور، بعد تهديدات بإشعال حرب طائفية أطلقتها جماعات متطرفة من كلا الطائفتين، اعقبت استهداف مقام الإمامين في سامراء الاربعاء واحراق عشرات المساجد السنية. واستهدف مسلحون مجهولون أمس ضريح سلمان الفارسي بقذيفتين صاروخيتين في منطقة سلمان باك. وعلى رغم ارتفاع عدد ضحايا الهجمات الانتقامية منذ تفجير سامراء الى حوالي المئتين ووقعت بعض الاشتباكات المحدودة بين مسلحين سنة وشيعة، ولزمت القوات الأميركية ثكناتها كي لا تثير المزيد من الحساسيات، أعرب الرئيس جورج بوش عن تفاؤله وقال ان"العراق يعيش لحظة اختبار... لكنه ما زال في وضع خطير...". وأشاد بموقف المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني الذي دعا الى الهدوء وضبط النفس. الى ذلك، رفض القائم بأعمال السفارة الاميركية في بغداد ديفيد ساترفيلد"توجيه أصابع الاتهام الى دول أو حكومات"في أحداث الاربعاء الأسود، وحمّل تنظيم"القاعدة"وجماعة أبي مصعب الزرقاوي مسؤولية التحريض على الفتنة والاقتتال الداخلي، وجدد دعوته الى سورية وايران لاحترام العراق. وتوالت ردود الفعل المنددة بردود الفعل الانتقامية على تفجير مقام الامامين علي الهادي والحسن العسكري، فدعا رئيس"المجلس الأعلى للثورة الاسلامية"عبدالعزيز الحكيم والأمين العام ل"الحزب الاسلامي"طارق الهاشمي الى التهدئة. وعاد الزعيم الشاب مقتدى الصدر الى بغداد قادماً من ايران ليشارك في الدعوة الى وقف العنف. وامتنع أهالي بغداد عن الخروج من منازلهم، فيما بدت شوارع المدينة التي غابت عنها للمرة الأولى القوات الأميركية، خالية من المارة وسط وجود كثيف لدوريات الشرطة والجيش العراقيين اللتين ركزتا انتشارهما حول المساجد خوف تعرضها لاعتداءات. وقال مصدر في الداخلية ان"الخطة الأمنية التي طبقت شملت التنسيق مع القوات الاميركية لإبعادها عن مراكز المدن لابعاد الحساسيات وفرض نطاق أمني حول العاصمة وعدد من المدن". وأفاد مراسلو"الحياة"في البصرة والنجف والناصرية وبابل ان قوات"جيش المهدي"فرضت طوقاً أمنياً مشدداً حول المساجد السنية في المناطق ذات الغالبية الشيعية لحمايتها استجابة لدعوة الصدر. وكانت الحكومة أعلنت حظر التجول أمس في محافظاتبغداد وصلاح الدين وديالى وبابل، مهددة باعتقال كل من يخرج الى الشارع"حتى الى المساجد والحسينيات". وأفادت احصاءات ان عدد ضحايا العنف خلال اليومين الماضيين وصل الى مئتي قتيل. فيما أعلن مسؤولون اميركيون ان"قوات التحالف"بمساعدة الشرطة العراقية قتلت قبل يومين"الأمير العسكري لشمال بغداد"في تنظيم"القاعدة"أكرم المشهداني المعروف ب"ابي اسماء"و"أبي أنس"ووصفوه بأنه"خبير متفجرات". وأعلنت جماعة شيعية متطرفة أطلقت على نفسها"ثأر آل البيت"في بيان وزع في بغداد أمس استمرارها في استهداف السنة، فيما أصدر تنظيم متطرف سني باسم"مجلس شورى المجاهدين"الذي يضم تنظيم"القاعدة"بزعامة أبي مصعب الزرقاوي بياناً توعد فيه بالانتقام، ممتنعاً عن الاشارة الى مسؤولية التنظيم عن تفجيرات سامراء. الى ذلك، دانت جماعات مسلحة اخرى في بيانات حادث الاعتداء على المقام الشيعي، وجاء في بيان باسم"كتائب ثورة العشرين"انه يستنكر الحادث، داعياً الى الكشف عن ملابساته"ووضع الحقائق أمام الشعب العراقي"وشجب"محاولات زرع الفتنة الطائفية عبر التعرض لمساجد سنية". وأصدرت فصائل مسلحة أخرى مثل"جيش محمد"و"الجيش الاسلامي"و"جيش المجاهدين"بيانات منفصلة ركزت على ادانة تفجير"الروضة العسكرية"والاحداث التي تلتها محذرة من الفتنة الطائفية. وتوحدت القوى السياسية الدينية في الدعوة الى التهدئة واستنكار حرق المساجد السنية وقتل الأبرياء، فيما شددت شخصيات دينية عربية واسلامية على بذل كل الجهود لوأد الفتنة المذهبية. ودعا زعيم كتلة"الائتلاف العراقي الموحد"عبدالعزيز الحكيم العراقيين الى التهدئة وضبط النفس، مندداً بإحراق المساجد وقتل الأبرياء، مؤكداً ان الذين فجروا مرقد الإمامين في سامراء الاربعاء"لا يمثلون السنة بل هم الزرقاويون والصداميون، وعلينا جميعاً ان نتوحد من اجل استئصالهم". وحذر الشيخ احمد عبدالغفور السامرائي رئيس ديوان الوقف السني خطيب جامع ام القرى، العراقيين مما سماه"تلبية نداء الشيطان"والانجرار وراء بعض الافعال التي تستهدف تفرقة المسلمين، مستنكراً تفجير القبة في سامراء واستباحة وحرق المساجد السنية. ووصف الشيخ محمود الصميدعي، خطيب جامع جلال الكبيسي في بغداد، تفجير المقام في سامراء بأنه"مؤامرة خارجية تصب في صالح جهات مدفوعة لا تمت للسنة او الشيعة بصلة". وأعلن الشيخ حازم الاعرجي، إمام الكاظمية واحد انصار التيار الصدري، ان الصدر طالب ب"تشكيل لجنة من علماء السنة والشيعة لدرء خطر الفتنة واعادة الامور إلى ما كانت عليه قبل دخول الاحتلال"واعتبر ان"ما جرى في العراق الاربعاء الاسود وما تلاه ناتج عن مخطط اسرائيلي يهدف إلى اثارة الفتنة بين المسلمين بعدما فشلت جميع محاولاتهم السابقة". وطالب بطرد السفير الأميركي زلماي خليل زاد من بغداد.