تتلخص وقائع هذه القضية في انه بتاريخ 22/2/1420ه تقدمت مؤسسة ليالي للإنتاج الفني، بدعوى إلى رئيس الديوان، أوردت فيها أن المؤسسة ليالي، متمثلة في مديرها عامر الحمود، تقدمت مع الفنانين ناصر القصبي وعبدالله السدحان إلى وزير الإعلام، طالبين فيه موافقة الوزارة بالسماح لهم بتقديم عمل كوميدي لشهر رمضان من عام 1414ه يتكون من 30 حلقة مدة كل حلقة 20 دقيقة. وتمت الموافقة على ذلك بتاريخ 20/4/1414ه. وبناء عليه تم إبرام عقد مع وزارة الإعلام بتاريخ 2/11/1414ه، كما ابرم عقد مماثل بهذا الشأن بتاريخ 7/1/1416ه، وذلك لإنتاج مسلسل كوميدي بعنوان طاش ما طاش. وحرصاً على نجاح العمل ظلت"ليالي"تمنح كل ممثل أو مشارك في العمل أجره ومكافأة باستمرار. وارتبطت مدير مؤسسة ليالي في مرحلة إنتاج الجزء الثالث بعمل خارج المملكة، وحرصاً على سير عملية النجاح فقد تنازلت"ليالي"تنازلاً مشروطاً لمؤسسة الهدف للإنتاج الفني التي يملكها الفنانان ناصر القصبي وعبدالله السدحان عن إنتاج الجزء الثالث. وبناء عليه قامت مؤسسة الهدف بإنتاج الجزء الثالث لمصلتحها لكن"مدير ليالي"كما جاء في الدعوى،"فوجئ بقيام"الهدف"بإنتاج وتوزيع الجزء الرابع من دون الرجوع إليه، سواء كان بصفته صاحب مؤسسة ليالي أو بصفته صاحب فكرة وشريكاً في التأليف والإخراج، كما قامت أيضاًَ بالتحضير للجزء الخامس من دون علمه أو مشورته". وكانت وزارة الإعلام أصدرت، كما جاء في الدعوى، قراراً بأن عامر الحمود شريك في ملكية المسلسل، وذلك بناء على نص المادة 9 من نظام حماية حقوق المؤلف، والتي تنص على انه"إذا اشترك أشخاص عدة في تأليف مصنف بحيث لا يمكن فصل دور أي منهم في المصنف، يعتبرون جميعاًَ شركاء بالتساوي في ملكية المصنف، ولا يجوز لأي منهم منفرداً مباشرة حق المؤلف المقرر بمقتضى هذا النظام ما لم يتفق كتابة على خلاف ذلك". وبحسب الدعوى أيضاً: تمت التوصية من وزارة الإعلام لمؤسسة الهدف بالآتي: أولاً: إنهاء الموضوع بالطرق الودية، وذلك بإحضار تنازل خطي من عامر الحمود عن حقه في الجزء الرابع وكما حدث في الجزء الثالث تحديداً. ثانياً: عدم إنتاج الجزء الخامس إلا بموافقة عامر الحمود أو مشاركته في الجزء الخامس. ثالثاً: أن يكون ذلك خلال مدة لا تتجاوز 40 يوماً من تاريخ 23/11/1417ه. في تاريخ 22-4-1419ه تقدمت مؤسسة ناصر القصبي لوزارة التجارة بطلب تسجيل اسم"طاش ما طاش"كعلامة تجارية، وأُعلن عن هذا الطلب في العدد رقم 3710 من جريدة أم القرى الصادرة بتاريخ 22-4-1419ه، فتقدم عامر الحمود باعتراض على تسجيل تلك العلامة استناداً للأسباب الآتية: 1. أن العلامة التجارية"طاش ما طاش"مطابقة تماماً للمنتج المقدم من مؤسسة ليالي للإنتاج والتوزيع الفني للتلفزيون تحت مسمى"طاش ما طاش". 2. بذلت مؤسسة ليالي للإنتاج الفني جهوداً كبيرة، وأنفقت أموالاً في سبيل تطوير المنتج التلفزيوني الذي وضعت عليه هذه العلامة، إلى أن أخذ الشهرة اللازمة داخل وخارج المملكة. 3. صاحب مؤسسة ليالي للإنتاج والتوزيع الفني هو صاحب فكرة"طاش ما طاش"والشريك الأول في إنتاج وتوزيع هذا المنتج التلفزيوني السعودي. 4. صاحب مؤسسة الهدف ناصر القصبي هو الشريك الثاني في فكرة المسلسل إلى أن تمت ترجمة هذا العمل إلى منتج، قام عامر الحمود بإخراجه، وقدم ناصر القصبي كممثل يؤدي دوراً درامياً مع غيره من الممثلين. وبحسب الدعوى: نظرت اللجنة في هذا الاعتراض، وأصدرت قرارها محل الطعن برفضه مستندة إلى وقائع مغلوطة وحقائق مبتورة، اذ نفت في وقائع قرارها أن يكون عامر الحمود صاحب فكرة، وذكرت بأن دوره اقتصر على إخراج الجزأين الأول والثاني من إنتاج المسلسل للتلفزيون، وهذا - على حد تعبير الدعوى -"ليس صحيحاً، إذ أنه عند ولادة الفكرة تقدم عامر الحمود وناصر القصبي وعبدالله السدحان على التوالي إلى وزير الإعلام في 20-4-1414ه طالبين من الوزير السماح لهم ومساندتهم في بلورة الفكرة إلى عمل نقدي كوميدي باسم"طاش ما طاش"وبعد موافقة الوزير تولى عامر الحمود إنتاج العمل عبر مؤسسته ليالي للإنتاج الفني التي أتت بكل من ناصر القصبي وعبدالله السدحان، ليؤدي كل منهم دوره بالأجر المقطوع من مؤسسة ليالي". وكان صدر قرار لجنة التظلمات والاعتراضات في وزارة التجارة في تاريخ 13-12-1419ه المتضمن تأييد قرار مكتب العلامات التجارية القاضي بقبول تسجيل العامة التجارية"طاش ما طاش"لوضعها على مقدمات إنتاج الأفلام السينمائية وإنتاج أفلام الفيديو وإنتاج البرامج الإذاعية والتلفزيونية والإنتاج المسرحي بالفئة 41. ومن ذلك كله طالبت الدعوى باختصار بإلغاء القرار المذكور. الحكم ألغى القرار بسبب اختلاط الممثلين مقتطفات مما جاء في نص الحكم على القضية التي رفعتها مؤسسة"ليالي"ضد ناصر القصبي وعبدالله السدحان، قبل خمس سنوات: بغض النظر عن مدى صحة دعوى المدعي من عدمها على أساس أن موضوع العلامة التجاري محل هذه الدعوى وهو الافلام السينمائية وأفلام الفيديو... الخ التي ستوضع عليها تلك العلامة غير مشروع، وذلك لما تنطوي عليه هذه الافلام من اختلاط النساء بالرجال واسقاط الحجاب عن المرأة والذي نص على تحريمه قوله تعالى قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ. وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الارْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء. الاية 30 سورة النور. وكذا قوله تعالى يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يؤذين. الاية 59 سورة الاحزاب. واذ أن الراجح من أقوال أهل العلم وهو ما دلت عليه الآيات الكريمة وجوب الحجاب بالنسبة للمرأة وتحريم الاختلاط بين النساء والرجال لما يترتب عليه من الفساد وزوال الغيرة على المحارم، ونظراً لكون موضوع العلامة التجارية محل هذه الدعوى وهي الأفلام السينمائية وأفلام الفيديو والمسلسلات التلفزيونية والإذاعية انما تنطوي على ما سبق ذكره، لذا فإنه لا يجوز قبول تسجيل تلك العلامة، لأن ما بني على باطل فهو باطل. واذ أن القول بخلاف ما سبق يتعارض مع قوله تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ الاية 2 سورة المائدة ولا شك ان ما ينطوي عليه موضوع العلامة التجارية محل هذه القضية هو الإثم وبالتالي لا يجوز التعاون عليه بإقراره أو السكوت عليه عند عرضه على القاضي المسلم، الذي وكل إليه تطبيق الأحكام الشرعية والأنظمة التي لا تتعارض معها. وحيث ان دخول الدائرة في موضوع هذه القضية ومناقشة صحة دعوى المدعي من عدمها يتضمن إقرارها للمدعي على ما يقوم به من أعمال محرمة بنصوص الكتاب والسنة وفتاوى أهل العلم في حال قبول دعواه موضوعاً أو إقرار طالب التسجيل المعترض عليه أيضاً في حال رفض دعوى المدعي وهذا ما لا تقره الدائرة. ذلك ان وضع العلامة التجارية على أعمال غير مشروعة هو إقرار بصحة تلك الاعمال وحماية لها من أي اعتداء قد تتعرض له من الغير مع أنها أعمال مبتذلة ولا قيمة لها في الشرع وما لا قيمة له لا تجوز حمايته، خصوصاً إذا كان من الأعمال المحرمة. وإذ ان الأمر على ما ذكر فإن الدائرة تنتهي إلى دعم جواز تسجيل العلامة التجارية محل هذه الدعوى على الفئة 41 فيما تضمنته من أعمال غير مشروعة. ومن ثم الغاء قرار لجنة التظلمات محل الطعن في هذه الدعوى. ولا ينال ما انتهت إليه الدائرة القول بأن العبرة بما أقره النظام وان القاضي ملزم بتطبيقه بغض النظر عما انطوى عليه موضوع العلامة التجارية.. الخ. فذلك مردود بما نصت عليه المادة 7 من نظام الحكم الصادر بالامر الملكي رقم أ-90 وتاريخ 27-8-1412ه من ان"يستمد الحكم في السعودية سلطته من كتاب الله وسنة رسوله، وهما الحاكمان على هذا النظام وجميع أنظمة الدولة". وبما نصت عليه المادة 46 من النظام آنف الذكر من ان"القضاء سلطة مستقلة، ولا سلطان على القضاء في قضائهم لغير سلطان الشريعة الإسلامية". وبما نصت عليه المادة 48 من النظام المذكور من ان"تطبق المحاكم على القضايا المعروضة أمامها احكام الشرعية الإسلامية وفقاً لما دل عليه الكتاب والسنة وما يصدره ولي الأمر من أنظمة لا تتعارض مع الكتاب والسنة". ويفهم من عجز هذه المادة ان القاضي إذا رأي بحسب اجتهاده أن ذلك النظام او إحدى مواده المطلوب تطبيقها على القضية المعروضة تتعارض مع الكتاب أو السنة فله ان يمتنع عن تطبيق ذلك، وهذا ما يتفق مع ما انعقد عليه الاجماع الذي هو أحد مصادر التشريع الأساسية، من أنه لا يجوز للقاضي ان يقضي بخلاف ما يعتقد. وإذ ان الأمر على ما ذكر وبعد الدراسة والمداولة والتأمل حكمت: بإلغاء قرار لجنة التظلمات والاعتراضات في وزارة التجارة رقم 198-1419ه وتاريخ 13-12-1419ه لما هو مبين بالأسباب.