لا بد من أن يصدر تعريف جديد لما يسمى ب"وسائل الإعلام"، بعد أن أدى التطور التقني إلى خلق قنوات تفاعلية للاتصال الجماهيري، والصحافيون الذين ينقلون لنا الخبر اليوم، والكتاب الذين يكتبون التحليل، هم شريحة جديدة من الناس لا نعرف أسماءهم ولا مكان سكناهم، وهؤلاء المجهولون بإمكانهم تزويد العالم بأخبار من دون اللجوء إلى الوسائل الإعلامية التقليدية، المطبوعة والمرئية والمسموعة. صحيفتي المفضلة كل صباح لم تعد تلك الورقية التي اعتدتها من قبل، إنها في الانترنت، التي تقدم فرصاً عظيمة لعموم الناس، لنقل الأحداث بشكل مستقل عن المؤسسات الإعلامية، إضافة إلى أنها تمنحهم إمكان التعبير عن وجهات نظرهم في سوق الأفكار العالمية الجديدة، والمتابع للمنتديات العربية الرائجة يجد أن صحافة المواطنين تشكل خطراً كبيراً على الصحافة التقليدية، بل إنها تتفوق عليها في سرعة نقل الخبر ونشر الصورة. كنت أظن أن اللجوء إلى وسائل إعلام"موازية"هو خيار عربي خرج إلينا بسبب التحكم الرسمي في وسائل الإعلام، والسيطرة الحكومية على معظم أدواتها، لكني وجدت بعد اطلاعي على نقاشات حول هذا الموضوع، في ندوة خاصة شارك فيها مختصون، من بينهم الدكتور عمار بكار أستاذ الإعلام الجماهيري في جامعة الشارقة، أن الأميركيين أنفسهم وهم رواد العمل الإعلامي المستقل، يشهدون اليوم ظهور طفرة في النشر الالكتروني الذي خلق مصدراً بديلاً للأخبار، ومنتدى جديداً للآراء السياسية، فبعد الغزو الأميركي للعراق، أصبح العديد من الشباب الأميركي يشك في التقارير الرسمية، وفي القنوات الحالية التي تنقل الأخبار، ما يحفزهم إلى اللجوء إلى ما ينشر على الانترنت من أفراد عاديين. هاهي الصحف ووسائل الإعلام الأخرى على المحك، وهناك أكثر من موقع الكتروني سعودي، أو مهتم بالشأن السعودي، يفوق عدد زواره أكثر الصحف السعودية رواجاً، وهذه المواقع تثبت كل يوم أنها الاختيار المفضل للناس للحصول على المعلومات والتعرف على مختلف الآراء، وستواصل تعزيز مواقعها، خصوصاً وهي لا تنضوي تحت مظلة الرقابة والرقباء، التي تشكل هاجساً تاريخياً للصحف السعودية. يمكن أن تجبر تقنية الكتابة على الانترنت الهيئات الإعلامية الموجودة في الساحة على أن تصبح أكثر تنافسية، وأن تتسابق للحصول على الحقيقة، لكن الخطر الكامن هو في تفوق هذه الوسيلة الجديدة، وهو ما يبدو واضح المعالم بحسب معطيات اليوم، وهناك الكثير من الأسئلة حول الصدقية وعمق التأثير. [email protected]