ينتظر نحو ألف طفل في جزيرة تاروت محافظة القطيف حلول عيد الأضحى، لإلقاء"الدوخلة"في شاطئ سنابس المطل على الخليج العربي، في احتفالية تراثية كادت تنقرض لولا إعادة إحيائها من جانب جهات أهلية، أبرزها منتدى"سنابس الثقافي"، الذي أخذ على عاتقه تجديد هذا الطقس الشعبي الذي عرفته المنطقة الشرقية ودول الخليج الأخرى كالبحرين وقطر والكويت والإمارات، فأقام العام الماضي احتفالية بمشاركة نحو 300 طفل، إضافة إلى أهاليهم، الذين استعادوا ذكرياتهم مع هذه العادة التراثية. والدوخلة تقليد شعبي يحتفل به في يوم التاسع من ذي الحجة يوم عرفة، ومنهم من يحتفل به بعد الغداء في يوم عيد الأضحى. والكلمة في لهجة أهل القطيف تعني"السلة أو القُفّة"، وهي وعاء من الخوص يستخدمه المزارع ليأكل منه التمر، ويعلقه على جدار الكوخ بواسطة عصا. وتستخدم الدوخلة لزراعة حبوب الشعير أو الحبة الحمراء، أو أي من الحبوب بعد أن تملأ بالطين والسماد، لتنمو بسرعة، ويعتني الطفل بدوخلته ويحافظ عليها ويسقيها يومياً لتواصل نموها حتى ظهر يوم العيد، ويراعى أن تكون في حجم يستطيع الطفل أن يحملها معه. وفي يوم العيد يربط كل طفل"دوخلته"بخيط ويمسك بطرفها ليرميها على شاطئ البحر، بعد توديعها، فيضحي بها ليعود حجاجه من مكةالمكرمة سالمين. وتتعالى الأصوات في الشاطئ مرددة أهازيج منوعة للدوخلة، ويقال إن الأهزوجة أصلها حوار يدور بين الطفل الذي زرعها وبين الدوخلة أو كما تسمى محلياً أيضاً"الحية بيه". فيكون الحوار عبارة عن طلب الطفل من نبتته أن تكون شاهدة له، وأن لا تدعو عليه، لأن الصغير قام بتغذيتها، ثم يُذكّر الصغير حيته بأنه مع رعايته لها، إلا أنه سيرميها في البحر. ويحرك الطفل أثناء الغناء دوخلته يمنة ويسرة، وفق إيقاع الأغنية، ثم يلقي هذه الأوعية بما فيها من زرع في البحر، أو من مكان مرتفع، طالباً أن تتحقق أمنياته بقدوم العيد. فالأهزوجة فيها توسل وتذكير بأن الطفل قام بواجب الإكرام لهذه الدوخلة، فأعطاها من غدائه وعشائه، وبالتالي يطلب منها أن يكون يوم العيد يوم سرور، وليس يوم حزن، بعدم رجوع حجاجه. وبدأ الاستعداد الفعلي لمهرجان"الدوخلة الثاني"في منتصف شهر شوال الماضي، إذ أعدت اللجنة المنظمة للمهرجان العدة لاحتفال ضخم يقام على مدى يومين، يتخلله عدد من الفعاليات، منها الفقرة الخاصة بالدوخلة، ومسرحية للأطفال وفقرة مسرحية فكاهية لفنان بحريني، وأهازيج من التراث الشعبي الخليجي، وألعاب ترفيهية للأطفال ومرسم حر لهم ومعرض للتراث والتراث البحري وآخر للفنون التشكيلية، إضافة إلى الأركان والفعاليات والمفاجآت. والجديد هذا العام كما يوضح رئيس اللجنة المنظمة حسن آل طلاق هو"تبني لجنة التنمية الاجتماعية المحلية في سنابس المهرجان، الذي سيقام على أرض مساحتها تتجاوز ستة آلاف متر مربع، وسينصب مخيم خاص بالمناسبة". وتتواصل الاستعدادات للإعداد للمهرجان، إذ عقدت اللجنة اجتماعين أسبوعياً، لتحديد الواجبات وتوزيع الأدوار على اللجان الفرعية. ويشير آل طلاق إلى أن"اللجنة تسعى أيضاً لإيجاد رعاة للمهرجان، نظراً لضخامة العمل وكلفته المادية الكبيرة، التي تفوق 150 ألف ريال". ويقبل أهالي سنابس على شراء الدواخل منذ الإعلان عن المهرجان هذا العام، وباعت اللجنة المنظمة 400 دوخلة حتى الآن. ويوضح طلاق"هناك عشرات المصادر الأخرى التي تصنع الدواخل وتبيعها غير اللجنة، والتي تعمل على توفير الدواخل في شكل مستمر". ويتوقع أن"يتجاوز عدد الأطفال المشاركين في فقرة الدوخلة وحدها الألف طفل، بينما الكبار فأتوقع أن يصل عددهم إلى بضعة آلاف". ولن تقتصر المشاركات في المهرجان على منطقة سنابس، إذ يؤكد طلاق أن"المهرجان لجميع مدن القطيف وقراها والمدن الأخرى أيضاً، وهو معد لاستقبال جميع المشاركين والزوار من أنحاء دول الخليج والمملكة عموماً وبخاصة المنطقة الشرقية"، مشيراً إلى سعي اللجنة"لأن يكون المهرجان أحد المهرجانات الدورية التي تقام سنوياً، وان يدخل ضمن أجندة الهيئة العليا للسياحة في المملكة، وتمت مخاطبتها لدعم المهرجان هذا العام، ونحن نوجه الدعوة للأمين العام للهيئة العليا للسياحة الأمير سلطان بن سلمان، لتبني هذا المهرجان، ودعمه مادياً ومعنوياً، لما له من مردود إيجابي على السياحة عموماً وبخاصة في المنطقة".