أعرب السفير السعودي عميد السلك الديبلوماسي في سنغافورة الدكتور أمين كردي عن تفاؤله بزيارة رئيس الوزراء السنغافوري لي سيانغ لونغ والوفد المرافق له للمملكة. وأوضح أنه سيتم في هذه الزيارة متابعة وتفعيل مذكرات التفاهم والاتفاقات التي تم توقيعها بين البلدين، خلال زيارة ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران المفتش العام الأمير سلطان بن عبدالعزيز، قبل نحو ستة أشهر، وتم الإعلان خلالها عن توقيع عدد من المشاريع الاقتصادية بين الجانبين. وفي ما يتعلق بموضوع الطلبة السعوديين المبتعثين إلى سنغافورة للدراسة، أوضح أن المرحلة الأولى التي تم خلالها تحديد أسماء 500 طالب وطالبة تحققت. وبقيت المرحلة الثانية التي ستتم فيها متابعة تسجيل الطلبة في الجامعات السنغافورية وتوفير السكن الملائم لهم. وأضاف السفير كردي أن سنغافورة وجهة مثالية للدراسة لكل طالب سعودي. وتوقع أن تقدم الحكومة السنغافورية المزيد من التسهيلات في منح التأشيرات للسياح والعاملين السعوديين في سنغافورة. حول هذه المحاور وغيرها كان ل"الحياة"هذا الحوار مع السفير السعودي في سنغافورة. كيف تنظرون لتطور العلاقات بين السعودية وسنغافورة على امتداد أكثر من 40 سنة؟ - بدأت العلاقات الديبلوماسية بين المملكة وسنغافورة في أوائل الستينات الميلادية من القرن المنصرم. وكان يغلب عليها الطابع التجاري. بيد أن تقدم سنغافورة الحثيث منذ استقلالها في مجال التنمية، أكسبها أهمية إقليمية ودولية لافتة، حتى انتهى بها المطاف إلى أن صنفت عام 1996 الدولة الوحيدة المتقدمة في جنوب شرقي آسيا. كل هذا أدى إلى زيادة الفرص لتعزيز العلاقات وتنويعها بين المملكة وسنغافورة. خصوصاً إذا ما أخذنا في الاعتبار أن سنغافورة نجحت في مجالات تهتم بها المملكة، على سبيل المثال لا الحصر: الإدارة الحكومية الناجحة، والتعليم والتدريب للموارد البشرية، إضافة إلى الإنجازات التي حققتها في مجال الاتصالات. وجاءت زيارة ولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز لسنغافورة في شهر جمادى الثانية الماضي كتتويج لهذا الاهتمام المشترك ولتطوير العلاقات بين البلدين في شتى المجالات. تأتي زيارة رئيس الوزراء السنغافوري للمملكة بعد ستة أشهر تقريباً من زيارة ولي العهد الأمير سلطان لسنغافورة وتوقيعه العديد من اتفاقات التعاون المشترك بين البلدين، في أي إطار تأتي الزيارة؟ وما أهم المواضيع المطروحة خلال هذه الزيارة؟ - كما قلت سابقاً العلاقات بين البلدين اتخذت منحى إيجابياً في أعقاب زيارة ولي المعهد. وتأتي زيارة رئيس الوزراء السنغافوري لي سيانغ لونغ والوفد المرافق له للمملكة في إطار متابعة ما تم توقيعه بين البلدين من اتفاقات مشتركة. فسيلتقي وزير الخارجية مع نظيره السنغافوري بناءً على اتفاق التشاور السياسي بين خارجية البلدين. وكذلك سيلتقي وزير التجارة بنظيره السنغافوري أيضاً لتفعيل البرنامج التجاري بين البلدين... عموماً، أبدى الجانب السنغافوري اهتمامه بالاستثمار في السوق السعودية. ونتطلع من خلال هذه الزيارة إلى تعريف الجانب السنغافوري عن كثب بالفرص الاستثمارية الجيدة. وسيعلن قريباً عن عدد من المشاريع المشتركة بين البلدين. إلى جانب أن هناك رغبة في زيادة التعاون الأمني وتبادل المعلومات بين البلدين. يمثل القطاع الاقتصادي الحصة الأكبر في العلاقات الثنائية بين البلدين لاسيما أن سنغافورة هي احد أكبر المستوردين للنفط الخام من السعودية من مجموعة الآسيان... هل هناك توجه لتنويع التبادل التجاري بين البلدين؟ وإذا كانت هناك نية ففي أي مجال؟ - المملكة حريصة على تنويع تبادلها التجاري مع كل دول العالم. ولكن يجب ألا يفوتنا أن المملكة أكبر منتج ومصدر للنفط في العالم، ولهذا فإن لسنغافورة أهمية خاصة باعتبارها بوابة لجنوب شرقي آسيا، ونحن هنا نتحدث عن منطقة عدد سكانها أكثر من 500 مليون نسمة. بمعنى أنها سوق ضخمة لاستهلاك الطاقة من المملكة. ولهذا السبب يوجد مكتبان لشركتي أرامكو وسابك السعوديتين لتسويق المنتجات البترولية. ومن المؤمل في المستقبل المنظور تنويع التبادل التجاري بين الدولتين ليشمل جوانب أخرى. بعيد زيارة ولي العهد لسنغافورة أُعلن عن إيفاد 500 طالب سعودي للدراسة في الجامعات السنغافورية، لكن لم يصل منهم أحد حتى الآن... فما هي الأسباب وراء ذلك؟ وهل هناك تنسيق بينكم وبين وزارة التعليم العالي لفتح ممثلية تعليمية في سنغافورة لرعاية شؤون الطلبة السعوديين؟ - مع قدوم الطلبة السعوديين إلى سنغافورة تبرز الحاجة لفتح ممثلية تعليمية. وأثارت السفارة هذا الموضوع مع المسؤولين في المملكة. حالياً انتهت المرحلة الأولى وهي تحديد أسماء الطلبة المزمع ابتعاثهم إلى سنغافورة، وعددهم نحو 500 طالب وطالبة، كما أعلن عنه في الصحف المحلية. أما المرحلة الثانية: وهي مرحلة قبول الطلبة السعوديين في الجامعات السنغافورية فيتم التنسيق بشأن هذا الإطار بين وزارتي التعليم في البلدين. وأشير هنا إلى ترحيب الجانب السنغافوري بالتعاون التعليمي مع المملكة. وفي هذا الشأن قامت وزارة التعليم السنغافورية بتخصيص مندوب من لدنها لمتابعة شؤون الطلبة السعوديين، وقبولهم في الجامعات السنغافورية. وللعلم فإن الجامعات السنغافورية من أفضل الجامعات على مستوى العالم. والتعليم لديها باللغة الإنكليزية. إضافة إلى أن سنغافورة مثالية تماماً لحياة الطالب الجامعي، لأنها بلد آمن ونظيف ومحافظ، وتوجد بها جالية إسلامية كبيرة. وتكاليف الدراسة فيها أرخص من نظيراتها في أوروبا وأميركا. على رغم أن سنغافورة تعتبر قبلة سياحية مشهورة في جنوب شرقي آسيا، إلا أنها لا تشهد إقبالاً كبيراً من السياح السعوديين، لماذا؟ وما هي السبل المتاحة لجعل سنغافورة احد الخيارات المفضلة للسعوديين؟ - سنغافورة من أهم البلدان السياحية في جنوب شرقي آسيا، وتحفل دائماً بالسياح من كل مكان. ولا أعتقد أن هناك عائقاً يحد من توجه السياح السعوديين سوى موضوع التأشيرات، ولكن سيحل هذا الموضوع قريباً، لما لمسته من متابعة فائقة من المسؤولين السنغافوريين. في عام 1996 صنفت سنغافورة وهي الدولة التي لا تتعدى مساحتها 700 كم ويزيد عدد سكانها عن أربعة ملايين نسمة على أنها الدولة الوحيدة المتقدمة في جنوب شرقي آسيا، من وجهة نظركم ما هو السر الذي يكمن وراء تقدمها؟ وهل تنصح الدول النامية بالذات في قارة آسيا وتحديداً في الشرق الأوسط بان تحذو حذو سنغافورة؟ - كثير من المراقبين يعزون تقدم سنغافورة إلى نجاحها في الاستثمار في الإنسان أولاً باعتباره المصدر الوطني الذي لا ينضب، كذلك اهتمت سنغافورة بإيجاد بيئة نموذجية لاستقطاب الاستثمارات ورؤوس الأموال الأجنبية. ولا أبالغ إذا قلت انه قلما تجد شركة عالمية لا يوجد لها فرع أو مكتب في سنغافورة. أضف إلى ذلك الشفافية والسرعة في الإجراءات الحكومية. ووجود قضاء مستقل وعادل. أيضاً سنغافورة مثال حي للتعايش بين الأعراق والأديان في وئام ومودة. فكل أتباع دين يمارسون شعائرهم من دون أي مضايقات من الغير. ومن مظاهر احترام الأديان في سنغافورة أن الأعياد الدينية هي كذلك عطل رسمية للحكومة وموظفيها، وهذا مؤشر على هذا التعايش. ولا غرو أن تجد مسجد بمحاذاة كنيسة أو معبد وكل في سلام مع الآخر. هذا بلا شك مثال يحتذى به. ونحن في المملكة - ولله الحمد - نعيش الكثير من مظاهر التنمية سواءً على المستوى البشري أو العمراني، وهذا مرده بعد الله سبحانه وتعالى إلى القيادة الحكيمة وإرادة الشعب السعودي الفتي.