اعتبر أستاذ الشريعة في جامعة الأحساء الدكتور قيس المبارك، أن أبرز حل لترسيخ العفة في المجتمعات العربية هو تزويج البنات والبنين في المرحلة الابتدائية، في وقت نرى فيه العالم"يتجه نحو هوة سحيقة تدفعه خارج طبيعته وفطرته بإبعاده عن قانون الزواج". وفي ما يأتي نص حوار مقتضب معه: عندما تبحث في أي محرك بحث عن مفردة"التحرش"أو"الاغتصاب"تدهشك كثرة الروابط التي تتحدث عن ضحايا من أصقاع الدنيا، من أكثر بلدان العالم محافظة إلى أشدها تحرراً... بعد ذلك هل نحن أمام انهيار عالمي للعفة؟ - لا في شك أن العالم اليوم يتَّجه نحو هوَّة سحيقة تدفعه خارج طبيعته وفطرته، بإبعاده عن قانون الزواج والاحتشام، ذلك أن الله فطر كلَّ كائن حيّ على رابطة اجتماعيَّة تضمن بقاء نوعه، وهي في الإنسان رابطة الزوجية. على رغم اختلاف الديانات والأمم والشعوب في مسلّمات كثيرة، إلا أن العفة لا تزال مطلباً - كأدنى حد - لدى الجميع، ومع ذلك تشهد المجتمعات انحداراً نحو نقيضها... ترى لماذا؟ - لأن النفس الإنسانية مطبوعة على اختيار الأسهل، وقد يفوتها في إقبالها على ما فيه لذَّة عاجلة، المصائب الآجلة التي تترتَّب عليه، بل قد يفوت الإنسان تحكيم عقله لفرط التَّعلُّق بِهَوَى النفس. وهذا المعنى يُدركه كلّ الناس جليّاً لدى الأطفال، حتى أنه ربَّما ضحَّى بالكثير في سبيل قطعة حلوى يُلوَّح بها أمامه. هل تؤيد إقامة مسابقات للعفيفات في العالم الإسلامي كطقس بديل يواجه مسابقة الجميلات؟ - البديل يُعطى للمضطرّ، فما هي الضرورة التي تضطرُّنا إلى أن يَقبلُ أحدُنا بعرْض بناته وأخواته أمام المجتمع . في نظرك ما الآليات المثالية لحماية العفة في بلد مثل السعودية؟ - أمْثَلُ ما نحمي به أنفسنا هو التوعية والتثقيف، فمشكلة التفسُّخ نتاج ثقافة قاصرة، والفكر لا يُواجَه بالسياط، ولا بالتفنُّن في ابتكار البدائل، بل ببثَّ ثقافة واعية يَقفُ فيها الإنسان على قدمٍ راسخة، يعرف مَن هو وما يتناسب مع فطرته، فنحن مسلمين لا نخاف من أن نُهزم أمام أفكار الآخرين، لأن ديننا دين الفطرة، فليس فيه ما يُخالف طبيعة الإنسان ولا ما يُسْتَحْيا مِنه. يحمّل عدد من علماء الدين الإعلام مسؤولية انهيار العفة، في واقع لا سبيل إلى حجب ذلك الإعلام، ما الحل، هل يزوجون الأطفال والفتيات في سادس ابتدائي... أي قبل البلوغ؟ - نعم الزواج الباكر خير سلاح، وهو دواء وَصَفَه رسول الله صلى الله عليه وسلَّم لِمُجْتَمَعِهِ الخالي من المثيرات بقوله في الصحيحين:"يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج"، فكيف بحالنا اليوم؟! على الرغم من عظم دور"الهيئة"في حماية العفة سعودياً، إلا أنه مع التطور التقني الذي سهل وسائل التلاقي والاتصال غدا دورها ضئيلاً مقارنة بالماضي، في رأيك هل نحتاج إلى"كوماندوز"لحماية العفة... يراقب البر والبحر والفضاء أيضاً؟ - حين يزداد البُعد عن الفطرة يزداد الهجوم على العفَّة، ولن تُحلّ المشكلة حينئذ بتجنيد الحُرَّاس، بل بتربية النفوس على الفضيلة تربيَّة نفسيَّة، لا بالقهر والحرمان.