سبق ان طرحت جانبا من هذا الموضوع وهذه تكملة له فقبل سنوات بعيدة نشر احد الرسامين "كاريكاتيرا" معبرا وتحته تعليق مختصر "الانسان الصفر" تأملت كاريكاتير الفنان وهو عبارة عن رأس ضخم وكرش ويدين وقدمين كل ذلك في بقعة كروية واحدة تمثل انسانا بلا ابعاد اطلق هو عليه "الانسان المكور الذي يشبه نقطة الصفر". قلت لذلك الرسام :يا أخانا يا ابن "الحلال" هذا تشويه وجناية لهذه الحالة الانسانية فهل هناك مثل هذا الانسان في الحياة تبسم كعادته وقام بحركة بهلوانية وقال كثير ستتأكد انت بعد ذلك ان هناك الانسان الصفر والثعلب والتمساح والحرباء والأفعى. وسوف اتعب لو حاولت الاستمرار في العد. ولكنك سوف تراهم امامك وفعلا حصل ورأيته يتبخر! لقد قالوا : إن الانسان ليس غيره الذي يتغير من مخلوقات الله.. هل رأيتم نمراً يدلس على مدربه او فيلا يغش او ارنبا يكذب او خروفا يعقد اتفاقية مع الذئاب ضد مصلحة بني جلدته؟ الإنسان هو المخلوق الوحيد الغامض المتداخل الذي يخرج رأسه او يده او رجله او لسانه يسخر من الناس عند اللزوم وعند المصلحة الذاتية انه المخلوق الوحيد الذي يحتاج إلى دراسة شخصيته قبل دراسة اي شيء اخر. لكن على من يكذب اليوم ومن يدعي انه هو الانسان الوحيد القادر وصاحب الافراح والأيادي البيضاء المتفضل على الربع والشلة. هذا الانسان الذي جدعوه بقولهم له: إنه أذكى رجل في ذلك الميناء الجميل. وصاحب الأفكار المبهرة اللامعة انه قد حفر مكانته الاجتماعية بيديه انها هوة سحيقة وجد نفسه فيها.. تماما مثل قصة الذئب والثعلب: سوف يتلفت فلا يجد "سبيلا" ينقذه لأن كل من حوله قد جرح هذا واصاب هذا.. وقطع رزق هذا وركل هذا في ماضي ايامه فلا هو "بقادر" على الخروج من حفرته ولا صوته يصل الى من اوقعه فيما هو فيه. وسوف يكون امره في النهاية في ايدي هؤلاء المكلومين من حوله ينهشونه بأظافرهم وأقلامهم وألسنتهم الحداد. ويتجاهلون وجوده في المجتمع رغم وجاهته "وسكبته" وتقليده لأشكال الخيرين - أعوذ الله من هذا المصير - انها صورة انسانية سيئة تتكرر في مجتمعاتنا العربية بل توجد في اي مجتمع في هذا العالم وفي كل زمان ومكان.