في ساحتنا السياسية مشروعان وثالث"صامت"يتحسس طريقه بخوف وحذر ودوافعه حول دفع الضرر قدر الإمكان. المشروع الأول أميركي صهيوني، وهو مشروع الشرق الأوسط الكبير أو الجديد إذ يحلم أصحابه بهندسة الشرق الأوسط وإعادة بنائه. الجديد في الأمر أن القائمين على المشروع منهم من يؤمن بحل عسكري على شكل ضربة قد تكون"نووية"توجه لأصحاب المشروع الثاني"إيران وحلفائها"دولاً وشعوباً، بحيث يتم تغيير النظام وإقامة نظام جديد، كما حدث في العراق وأفغانستان. وإسرائيل تدفع بكل قواها لتبني هذا المشروع، ومستعدة للمشاركة فيه، وهاجسها الأول وجود سلاح نووي في المنطقة أياً كان مالكه، فهي ترفضه إن كان عربياً أو إيرانياً أو تركياً، ولو تمكنت لدمرت ذلك في باكستان. إسرائيل هنا ? كالعادة ? في منتهى الأنانية والنرجسية، تريد تحطيم كل مشروع نووي، كما حطمت مفاعل"تموز"من دون أن تخسر شيئاً، ولها في أميركا أناس"يبصمون"على مشروعها حتى لو أدى ذلك إلى حرب كونية جديدة، ما تريده إسرائيل يجب أن يحدث مهما كان الثمن. في أميركا من يرى أن مشروعاً سياسياً مع إيران يجري التفاوض حوله ليحدد مصالح كل طرف والتزاماته. الفريق الأوروبي، وربما الصيني والروسي ? مع بعض الاختلاف ? يميل إلى هذا المشروع، فالحرب على إيران تضر بمصالحهم، والفوائد كلها تعود إلى أميركا وإسرائيل تحديداً. المشروعان الأميركيان الإسرائيليان يعملان ضد مصالحنا حكومات وشعوباً، وسنكون الخاسر الأكبر في المشروعين، فالحرب على حدودنا ستتسبب لنا في ضرر بالغ وتفجر حركات لا يمكن التكهن بنتائجها، خلافاً للأضرار الناجمة عن الحل العسكري... وبدافع الخوف بدأ الفريق الثالث يتحرك ولكن ب"بطء السلحفاة"، هناك قوس من العراق إلى عُمان كله بدأ يدرس نتائج هذه الحرب"نصف الكونية"، ويقول:"يا رب سلم"... فإن تغلب المشروع السياسي الأميركي على العسكري، فسيكون التفاوض على حسابنا ومصالحنا، ولن يرحمنا أحد. نحن بين أمرين، أحلاهما مر، ومع ذلك فحتى تحرك العنصر الثالث"جبهة الصمت"بسرعة مناسبة، مع التحلي بشيء من الثقة في النفس والشك في الأطراف الأخرى، وما تريد تحقيقه على حسابنا، فإن الأمر يمكن أن يقلل الأخطار أو يضيق من دائرة الحريق الحرائق... لقد أدرك أكثر من طرف حكومي وشعبي ذلك، لكن بيننا من يعتقد اعتقاداً جازماً بأن الله تعالى يحكم في السماء وأن أميركا وإسرائيل تحكمان في الأرض وتتحكمان في أهلها، هذا النفر والكثير منهم يعملون مستشارين، مهمتهم الأولى والأخيرة التخويف من"البعبع"وهم كذلك الطائر المسكين الذي يخاف من ضوء الشمس نهاراً فلا يتحرك، ويخاف ليلاً من النجوم ولمعانها، فيجبره خوفه على عدم الحركة. المشاريع المطروحة تتجاهلنا وكأننا بلا قيمة، وكأن أرضنا ومصالحنا من دون حارس ولا مدافع، ولذا لا ضرر من استباحتها، وجعلها ساحة حرب... نطالب الفريق"الصامت"بأن يتحرك قبل فوات الأوان، كان لنا في يوم ما"جبهة صمود"تبخرت، واليوم ثمة جبهة جديدة، فهل ستموت قبل الولادة، كما مات الاتحاد السوفياتي مثلاً؟ هذه دعوة من خائف على هذه"الجبهة"، فهل من مستمع أو مجيب؟ نعمان السامرائي