لا ريب في أن للسعودية ثقلها في ميزان القوى الدولي، وسجلت حضورها البارز في كثير من المناسبات الدولية، حتى غدا غيابها عن المنافسة في بعض المحافل مثار استغراب الموطنين، ومحل استفسار المتابعين. ويستعيد السعوديون بأسى مشهد ترشح الدكتور غازي القصيبي لمنصب المدير العام ل"اليونيسكو"، لكنه لم يحظ بالدعم الكافي، ولم يظفر بالجدية الضرورية اللازمة للدخول في مثل هذه المشاريع، وعلى رغم تناسينا كل ما حدث، إلا أن شخصاً واحداً سيظل يسترجع الحدث بمرارة، لشعوره بأن الخذلان تضافر ضده محلياً وعربياً ودولياً. وفي هذه الأيام، تستعد الأممالمتحدة لعقد اجتماع موسع لجمعيتها العمومية في مقر الأمانة العامة في نيويورك، بغرض اختيار الأمين العام الجديد، خلفاً لكوفي أنان الذي تنتهي ولايته الثانية في كانون الأول ديسمبر المقبل، وتناقلت وسائل الإعلام أسماء مرشحين من دول عدة ليس من بينها السعودية. ويتوقع مراقبون أن تشهد الجمعية العمومية تنافساً حامياً بين المرشحين، لتجاوز عدد المتقدمين لهذا المنصب عشرين مرشحاً، منهم وزير خارجية كوريا الجنوبية بان كي مون، الذي ترتكز رؤيته على توسيع الدور السلمي لبلاده، وينافسه بقوة على المنصب مساعد الأمين العام للاتصالات والمعلومات الهندي شاشي ثارور، المزكى من منتدى"دافوس"عام 1998، والموصوف بالزعيم العالمي للغد، ومن سيريلانكا ينافس الأمين العام لشؤون نزع السلاح وعملية السلام جاينثا دهانابلا، ويدخل في السياق ذاته نائب رئيس وزراء تايلاند الدكتور سوريكيارت ساثيرثاي، وللرجل تاريخ كبير في الإدارة الناجحة، وخبرة كافية في مجال الديبلوماسية والتعاون الدولي. وتتردد في بعض الأوساط السياسية أسماء مسلمة وعربية، منها مرشح تركيا مدير برنامج الغذاء العالمي كمال درويش، ومرشح الأردن ممثل بلاده في الأممالمتحدة الأمير زيد بن رعد. وعن غياب مرشح سعودي لمنصب الأمين العام للأمم المتحدة، أوضح المستشار محمد سعيد طيب، أن الترشيح لهذه المناصب من اختصاص الحكومات لا الأفراد، ويلزم الدولة متى ما أرادت أن تنافس بمرشح أن تدعمه بقوة، وأن تستقطب المؤثرين حتى يصل مرشحها للمنصب. فيما يرى عضو مجلس الشورى الدكتور صدقة فاضل، أن منصب الأمين العام من أهم وأرفع المناصب الديبلوماسية، وأرجع غياب المرشح السعودي إلى"زهدنا في مثل هذا المركز المهم والحساس، على رغم أن السعودية تسعى دوماً نحو المشاركة الفاعلة والمؤثرة في جميع المؤسسات الدولية". ويؤكد فاضل أن المرشح لا يصل لهذا المنصب إلا بعد غربلة طويلة، عبر آليات معتمدة وتزكيات تخضع لموافقة مجلس الأمن، خصوصاً الأعضاء الدائمين الذين لهم حق النقض. وتطلّع الدكتور صدقة إلى يوم يتولى فيه سعودي هذا الموقع الاستراتيجي.