تستعد مئات المكاتب والشركات العقارية خلال الأسابيع القليلة المقبلة، لعودة النشاط الى اروقتها بسبب توقعات المراقبين بأن يعاود القطاع جاذبيته للمستثمرين والمضاربين في العقار، الذين ابتعدوا من السوق خلال السنوات الثلاث الماضية بسبب سوق الأسهم التي اجتذبت الرساميل الصغيرة والمتوسطة. ويعود السبب الرئيس لهذه التوقعات الى قصر هيئة السوق المالية، تداول الاسهم على فترة صباحية واحدة، تمتد من ال11 صباحاً الى الساعة الثالثة والنصف عصراً في خطوة جريئة يتوقع ان تلقي بظلالها على الحياة الاجتماعية في السعودية وعلى عدد من القطاعات التجارية وفي مقدمها القطاع العقاري. وشهدت السنتان الماضيتان استغناء عشرات الشركات والمكاتب العقارية عن مئات الموظفين بسبب ركود الحركة الشرائية من جهة، وبسبب استقالة الكثير منهم بحثاً عن الفرص التي وفرتها سوق الأسهم للاستثمار والمضاربة وأحلام الثراء السريع التي داعبت مخيلة معظم الناس في البلاد خصوصاً فئة الشباب. وتشترط الأنظمة في السعودية قصر وظائف الاستقبال والسمسرة في مكاتب العقار على السعوديين، ودأبت المكاتب على استقطابهم للعمل، خصوصاً في الفترة المسائية التي تشهد عادة حركة نشطة في البيع والشراء، بالمقارنة مع الفترة الصباحية التي يكون فيها معظم الناس في وظائفهم. وفي المقابل، ستعيد الكثير من الشركات فتح فروعها الصغيرة في مناطق المخططات الجديدة، بعد ان اقفلت هذه الشركات فروعها لعدم وجود طلب كاف لتشغيلها وتغطية نفقاتها. وابلغ"الحياة"مصدر في الغرفة التجارية الصناعية في الرياض، ان الغرفة ستكثف خلال الأشهر المقبلة من دورات التسويق العقاري، التي شهدت ضعفاً ملحوظاً في الإقبال. وقال المصدر، ان اللجنة العقارية ستعيد فتح الكثير من الملفات، وفي مقدمها ملف المساهمات العقارية المتعثرة، وملف إنشاء شركة عملاقة لبيع المنازل بالتقسيط. ولا يوجد في السعودية إحصاء دقيق لعدد الموظفين السعوديين والأجانب في القطاع العقاري، الا ان تقديرات العاملين في السوق تقدر نسبة السعودة في الشركات الكبرى بما يقارب ال 40 في المئة، فيما تقل هذه النسبة في المكاتب الصغيرة بسبب إحجامها عن توظيف السعوديين من جهة، او عدم قدرتها على تحمل تكاليف توظيفهم من الجهة المقابلة. وتأتي هذه التطورات مع توقعات معلنة من الشركات العقارية المتخصصة بأن تشهد السوق ارتفاعاً بنسبة لا تقل عن 15 في المئة قبل نهاية السنة الحالية بسبب ارتفاع الطلب المتوقع من جهة، وبسبب الارتفاع الملحوظ في الإيجارات، خصوصاً إيجارات المساكن الخاصة والشقق التي تتراوح بين 20 و30 في المئة بسبب إحجام الكثير من المستثمرين عن بناء العقارات الجديدة وتوجيههم معظم سيولتهم الى سوق الاسهم بحثاً عن أرباح سريعة وتدوير اكثر لرؤوس أموالهم. يذكر أن القطاع العقاري السعودي يعتبر الأكبر لجهة الرساميل المستثمرة فيه في منطقة الشرق الأوسط بسبب اتساع رقعة البلاد ومكانة العقار في الثقافة الاستثمارية لدى السعوديين، فضلاً عن التسهيلات والقروض الحكومية الكبيرة التي يقدمها صندوق التنمية العقارية للمواطنين.