تلقت القيادة السعودية أمس، برقيات تأييد أبناء الشعب السعودي ورموز الحكم في المنطقة والعالم ومباركتهم لقرار الإعلان عن قانون"هيئة البيعة"، الذي يوضح بشكل موسع آلية انتقال الملك وولاية العهد في أبناء الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود وأحفاده وأبنائهم ونسلهم من بعده. وانتقل نظام الحكم في المملكة العربية السعودية فجر أمس إلى مرحلة جديدة، رأى المراقبون السعوديون ونظراؤهم العرب والأجانب، أنها تضاف إلى سلسلة الإصلاحات الوطنية الكبرى المتلاحقة منذ تأسيس البلاد على يد المغفور له الملك عبدالعزيز، بحسب مقتضيات كل مرحلة وظروفها الداخلية والخارجية. وسبق للقيادة السعودية أن اتخذت قراراً بتكوين"مجلس العائلة"في حزيران يونيو 2000، إذ ترأسه في حينه الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز. وكان لاعتماد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لقانون"هيئة البيعة"الذي صدر فجر الجمعة، أصداء وطنية وإقليمية ودولية مباشرة، تمثلت في الشعور بالارتياح والمباركة، لما تعنيه السعودية ومكوناتها الرئيسة من أهمية عالية المستوى إقليمياً ودولياً، كونها الرأس في الجسد الإسلامي، ونبعاً مشهوداً للحكمة السياسية، وحجم ثرواتها الطبيعية المؤثرة في اقتصاد المنطقة والعالم. وطبقاً للأصداء التي خلفها صدور القانون الجديد في أوساط الأكاديميين والديبلوماسيين العرب والغربيين المقيمين في العاصمة الرياض، فإن"هيئة البيعة"ستقطع الطريق على ما يتردد من اشاعات تتناول شأن الحكم وولاية العهد، مثلما كان يتردد أمام كل منعطف خطر يمر بالمنطقة وانعكاس تطورات العالم على الوضع الداخلي في البلاد. وفي هذا السياق، اعتبر الباحث في الشؤون الاستراتيجية طراد بن سعيد العمري في تصريح إلى"الحياة"أن بيان الديوان الملكي الخاص بإصدار نظام هيئة البيعة:"هو قرار ملكي يعتبر غاية في الأهمية". وأضاف:"بل إنه من القرارات الاستراتيجية بعيدة المدى ليس على مستوى العائلة المالكة فقط، بل على المستويين الشعبي الداخلي والسياسي الخارجي للمملكة العربية السعودية". وقال طراد العمري:"لو تفحصنا المادة الثالثة ? قانون هيئة البيعة ? فقط لوجدنا أنها تشتمل على ثمانية معايير غاية في الأهمية تؤدي إلى الخير كل الخير لهذه الدولة وهذه الأمة السعودية في التأكيد على التمسك بكتاب الله وسنة نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم، والمحافظة على كيان الدولة ووحدة الأسرة المالكة وتعاونها وعدم تفرقها والمحافظة على الوحدة الوطنية ومصالح الشعب". وأشار الباحث الاستراتيجي إلى أن:"البيان الملكي جاء في أقدس ليالي الشهر السنة وأقدس بقاع الأرض. نسأل الله العلي القدير أن يوفق ولاة الأمر لكل ما فيه الخير والصلاح". من جانبه، يرى أستاذ مادة القانون في جامعة الملك عبدالعزيز في جدة الدكتور عمر الخولي في حديث إلى"الحياة"أن صدور قانون الهيئة"في حد ذاته إيجابي"، وأضاف قائلاً:"أي شخصي عقلاني يتوصل إلى حقيقة مفادها أن القانون يسد فراغاً تشريعياً أو دستورياً كانت المملكة في حاجة ماسة إليه، وفي مرحلة من المراحل بدت الحاجة ملحة إلى وجود مثل هذا". وشدد الدكتور عمر على أنه:"يصعب التكهن وإصدار الحكم الدقيق عليه في الوقت الحاضر". منوهاً بقدرات أبناء الملك عبدالعزيز ? طيب الله ثراه - في التعامل مع الموقف وحسم الأمور تجاه مصلحة استقرار البلاد واستمرار تداول السلطة بصورة شفافة وواضحة:"خصوصاً في المستقبل البعيد، إذ رأينا تجربة الأشقاء في الكويت وما أثبتته من ضرورة وجود مثل هذا التشريع". بيد أن الدكتور الخولي قال:"إنه من الناحية الشكلية للتشريع الجديد، فإن هناك ملاحظات محدودة حول صياغة مواد القانون مثل الفقرة الثالثة من المادة الرابعة عشرة، إذ إنه كان مريحاً أكثر إضافة عبارة على أن يكون عمداء كليات الطب أطباء ممارسين للمهنة". ورأى أن من نقاط القوة في قانون هيئة البيعة:"هو حصر أي اختلافات بين الأعضاء داخل الهيئة، بحيث لا تتسرب ولا تثور خارج إطار أعضائها من خلال السرية والسيطرة الفعالة". واعتبر أن القانون الجديد:"يمزج بين ما هو متعارف عليه دستورياً وبين الأسلوب الأمثل الخاص بالمملكة العربية السعودية". وكان للخولي أمنية لخصها في:"الإشارة بأي صورة لمهمات"مجلس العائلة"وإذا ما كانت مفصولة عن اختصاصات هيئة البيعة ودورها الجديد". وفي أوساط الديبلوماسيين العرب، أكد السفير اليمني لدى الرياض محمد محسن الأحول في حديث إلى"الحياة"أن قانون هيئة البيعة :"خطوة جريئة ومن خطوات الإصلاح الكبرى التي بدأها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز منذ توليه الموقع المهم ملكاً للمملكة العربية السعودية". واعتبر الأحول:"إننا أبناء الجزيرة العربية واليمن خصوصاً نبارك هذه الخطوة، وندعو أن يحفظ الله هذه البلاد وقادتها وشعبها وأن يأخذ بأيدي قادتها إلى ما فيه مصلحة المملكة والعرب والمسلمين". ورأى السفير اليمني أن هذه الخطوة:"تتماشى مع ما تعيشه المنطقة والعالم من مشاركة واسعة وإعطاء الفرصة للكفاءات والقدرات، وأسرة آل سعود الكرام مشهود لها بالحكمة والوفاء والحرص الدائم على مصالح شعبها وإخوانهم من العرب والمسلمين". وقال:"نحن في الجمهورية العربية اليمنية يهمنا دوماً استقرار هذه البلاد ويهم الرئيس علي عبدالله صالح والشعب اليمني جميعاً ان تنعم المملكة العربية السعودية بالأمن والطمأنينة والاستقرار كما نتمناه لبلدنا لأننا نعتبر أمن البلدين واستقرارهما ينعكس على البلد الآخر". وقال:"نبارك من أعماقنا للقيادة السعودية الحكيمة وعلى رأسها الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير سلطان بن عبدالعزيز، ونبارك للشعب السعودي والأمة العربية والإسلامية". وأشار إلى:"دعواتنا الحارة والصادقة لقادة المملكة وأشقائهم القيادات العربية أن يوفقهم الله لمواجهة قضايا المنطقة والعالم الملتهبة في هذه المرحلة". وأوضح السفير اليمني أنه معني مباشرة بما صدر:"لنتمكن من اطلاع القيادة وأهلنا من أبناء اليمن على تفاصيل هذه الخطوة المباركة وانعكاساتها الإيجابية على الأشقاء في المملكة والدول المجاورة والعالم لأننا نعتقد أن هذه الخطوة ستقوي من استقرار النظام، والدفع بكل الخطوات الايجابية الأخرى التي أشار خادم الحرمين الشريفين إليها وأعلن بعضها ولا شك إنه لن يكل وأخوانه الكرام وأبنائهم عن تقديم الأفضل والأكثر فائدة لمستقبل الشعب السعودي وبلاده الأبية". من جانبه، قال مصدر ديبلوماسي غربي تحدث إلى"الحياة"من الرياض أن خطوة الملك عبدالله بن عبدالعزيز باعتماد قانون هيئة البيعة كانت محل نقاش مجموعة السفراء على موائد الإفطار الرمضاني، التي شاركوا فيها مساء أمس الجمعة. معتبراً أن حديث السفراء ومعاونيهم انصب في تناول مواد القانون الجديد ال 25 ودورها المستقبلي في ترسية تقاليد تداول السلطة سعودياً ووضوحها أمام الجميع.