أصيبت أسماء خالد بنوبة فزع ثم إغماء ما ان مازحها زوجها بقوله:"إن خلفها فأراً"، ليضيع ضحكه مع الخوف الذي انتابه وهو يحاول إنقاذ زوجته. وبعد انتهاء الإغماء أكد لها أنه كان يمازحها، لكنها أفرطت في الخوف وأخبرته"لا أحتمل رؤية فأر، أو ذكر اسمه أمامي، فتصيبني مباشرة حالة غريبة من الرعب، تصل إلى حد البكاء الهستيري، وتتطور إلى فقدان الوعي". وتذكر الزوجة حادثة وقعت لها منذ زمن"أذكر أنني يوماً رأيته الفأر أمامي فرفض عقلي في بداية الأمر الاعتراف بوجوده، ووجدت نفسي أخبر من حولي أن شيئاً ما دخل إلى البيت، وما ان سمعتهم يقولون إنه"فأر"، حتى انتابتني هذه الحالة، وبدأت لا شعورياً أحك في جسدي، حتى كادت الدماء أن تسيل مني، وإلى اليوم أعاني من هذا الرعب، ولا أعرف سببه". أما إبراهيم الصحيح، الذي يصفه أصدقاؤه ب"الشجاع"، لأنه يفاخر بعدم خوفه من أي شيء، ويعرف ب"المجازف"فيخشى من القطط. ويقول:"أخاف من القطط إلى حد الرعب، وهو ليس خوفاً بالمعنى المتعارف عليه، ولا أستطيع أن أصف شعوري بالضبط". ويؤكد أنه لا يحب أن يراها أمامه، ويثير وجودها بقربه في نفسه"التقزز والنفور"، على رغم أنه يتصف بالشجاعة بشهادة أصحابه. وهذا النوع من الرهاب يسمى"الأحادي"أو"النوعي"وهو ناتج من الخوف المرضي من رؤية أشياء محددة، مثل أدوات الطعن أو القطع الحادة، أو الاقتراب من الحيوانات كالقطط والكلاب أو الثعابين والعناكب والطيور. ويستمر الرهاب طوال فترة الوجود مع هذه الحيوانات أو الأشياء، ويزداد حدة عند الاقتراب منها، ويقل بنسبة بسيطة حين الابتعاد عنها، ويحدث الخوف أيضاً بمجرد مشاهدة صور لهذه الأشياء أو سماع الحديث عنها. ويخشى فاضل عبد الحميد المناسبات الفلكية، مثل الكسوف والخسوف والرعد والبرق، وحتى دخول العام الجديد. ويقول:"يخيل لي وقتها أن حدثاً كبيراً سيقع، أعرف أنه لا أساس لمخاوفي، لكنها تسيطر عليّ فتقهر إرادتي الشخصية". ويصف عبدالله سامي خوفه من الزحام، وبخاصة في الشوارع"لا أعرف لماذا أشعر بالاختناق كلما وجدت نفسي في سيارتي وسط زحام يحيط بي من الأمام والخلف". وتبدأ نوبة الخوف عنده بالصراخ وحالة عصبية يستغربها المارة، ولا يهدأ إلا إذا نقل إلى مكان فسيح، خالٍ من الناس. ويسمى الخوف من الأماكن الضيقة"كلوستروفوبيا"ولا يستطيع المريض الذي يعانيه دخول القطارات أو الحافلات أو المصاعد أو الوجود في الحجرات فترة طويلة، وإذا اضطر لذلك فيشعر بالضيق والتوتر وعدم استقرار القدمين على الأرض، ومن يعانون هذا الرهاب يجدون أن رحلة السفر بالطائرة"تجربة مزعجة"، ويتفادون السفر ما وسعهم، وإذا اضطروا للقيام بذلك استعدوا له في طقوس معقدة. ويفضل معالجون استعمال المهدئات النفسية متوسطة المفعول قبل الخروج من المنزل للسفر، حتى يصل المريض إلى المطار، وهو هادئ ويتمكن من دخول الطائرة، وبعضهم يوصى بتناول عقار منوم، وهو داخل الطائرة، إذا طالت فترة الطيران. ويعزو أطباء علم النفس أسباب"الفوبيا"إلى"رواسب الطفولة، فمن خلال التجارب الميدانية، اتضح أن هذه المخاوف ناتجة من ذكرى سيئة، تترسخ في العقل الباطن للطفل، الذي ينسى في شكل جزئي ما حدث، لكن الذكرى لا تلبث أن تظهر في ما بعد عند أول مواجهة مع هذا العامل". ويقول خبير نفسي إن"الفوبيا نوع من الخوف المرضي، مثل الخوف من الأماكن المغلقة، والمرتفعة، ومن حيوانات معينة". ويضيف"هذا الخوف يتضخم ليصبح حالة من الرعب والذعر، قد تصل لفقدان الوعي وتصبح هاجساً، وما يلبث أن يتحول إلى مرض نفسي، يسبب ضغطاً رهيباً على المريض بالدرجة الأولى، ثم المحيطين به". وينقل أحد الأطباء حالة مريضة كانت تخشى اللون الأحمر بشدة، وبعد جلسة تحليل نفسية، اتضح أنها شهدت اعتداء تعرض له أحد أفراد عائلتها، وكان المعتدي يلبس معطفاً أحمر اللون، فارتبط اللون الأحمر لا شعورياً عندها بالحادثة، وأصبح خوفاً مرضياً مع مرور الأيام. ويسبب مرض الرهاب أو الفوبيا حرجاً اجتماعياً لصاحبه، كما هو الحال لدى فاطمة محمد"أشعر بالإحراج حين أخاف من الصراصير أمام الناس، إذ يبدو الخوف مصطنعاً، ومبالغاً فيه في نظر من يراقبني، ولا أعرف ما الحل؟".