{ عاد الانتعاش أمس الى أسواق جدةومكةالمكرمة بعدما أقفلت أبوابها أول أيام عيد الأضحى المبارك وركدت في اليومين التاليين. لكن الحركة التجارية في المشاعر المقدسة شهدت تراجعاً بعدما انتشرت أخبار وفاة عدد كبير من الحجاج في تدافع خلال رمي الجمرات في آخر أيام الحج. الا ان الحادث لم يؤثر في شكل كبير على انتعاش الأسواق بعد فراغ مليوني حاج من أداء فريضة الحج وتوجههم إلى ديارهم، ليتوقفوا في جدة في طريق العودة، لشراء حاجياتهم وهداياهم. بحسب أصحاب محال تجارية في جدة، فإن الاتجاهات الشرائية للحجاج تصنف بحسب حاجاتهم. فحجاج جنوب شرق آسيا يهتمون بشراء السجاد والتذكارات، ويشاركهم في الأخيرة حجاج معظم دول العالم الإسلامي. أما حجاج أفريقيا البيضاء ودول الشام، فيتجهون الى شراء الأجهزة الكهربائية والمشغولات الذهبية، بينما يركز حجاج أفريقيا السمراء على الملبوسات. أما الأوروبيون والأمريكيون، فيركزون على الكتب والتحف والأثريات. ويعتقد كثير من الحجاج أن شراء حاجاتهم من مكةالمكرمةوجدة في فترة الحج، يكسبها أهمية خاصة، لأنها جلبت من"مكان مقدس وفي وقت مقدس"، بينما يرى آخرون أنها"لا تتوافر في بلادهم". وعلى رغم عدم وجود تقديرات رسمية لحجم إنفاق الحجاج على مشترياتهم من الهدايا، إلا أنها لن تقل عن 50 مليون ريال، وفقاً لتقديرات أولية غير رسمية. لكن مختصين في سوق التجزئة، يؤكدون:"أن تذبذب سعر صرف الدولار في الفترة الماضية وارتفاع اليورو، سيحملان نتائج سلبية، إلا أنها لن تؤثر كثيراً في حجم المبيعات المتوقع أن يزيد 50 في المئة عن الأيام العادية". ويقول رجل الأعمال محمد القاضي:"من واقع قراءة السوق في الأعوام الماضية والاحتكاك المباشر مع المستهلكين من الحجاج، فإن المنتج السعودي والسلع الموردة إلى البلاد يثق بها الحجاج، إضافة إلى أن الأسعار مختلفة، إذ تخضع هذه المنتجات للضريبة غير المباشرة التي يتحملها المشتري". ميدانياً، سيقبل الحجاج على محال بيع الهواتف المحمولة لشراء الأجهزة عبر الوكلاء السعوديين، فهم يرون أن الأسعار مناسبة ووجود موديلات وإكسسوارات لا تطرح في دولهم. ومن الأسواق الجديدة التي انتعشت سوق السيارات، إذ يشتري الحجاج السيارات مباشرة أو عبر أقربائهم المقيمين في السعودية، ويتولون شحنها. ووفقاً للعامل في سوق السيارات في جدة سعود عبدالله"يرغب الكثير من الحجاج في السيارات الجديدة والمستعملة، ويفضلون الاستخدام الأمريكي". ومن الأسواق الأخرى التي يتوجه إليها الحجاج سوق الأدوية، إذ شهدت أنواع مختلفة من الأدوية إقبالاً، ويرجع المتعاملون في هذه السوق السبب إلى عدم توافر هذه النوعيات في بلاد المشترين. ويحمل كثير من الحجاج وصايا لشراء مصوغات وحلي ذهبية من جدةومكةالمكرمة، ويبين الحجاج والباعة بأنها تحمل"البركة"، إضافة إلى السمعة التي تمتلكها سوق الذهب في السعودية. ولا تقل المكتبات ومحال بيع التحف والأثريات شأناً عن الأسواق الأخرى، خصوصاً أنها محط أنظار الحجاج الأوروبيين والأمريكيين، ويفسر ذلك احمد يونس، الذي يعمل في مكتبة في حي البلد، قائلاً:"يركز هؤلاء الحجاج على الكتب التي تتحدث عن الإسلام، وقلة منهم تشتري كتب الأدب والتاريخ، وزادت أعدادهم في السنوات الأربع الأخيرة". ويضيف:"في محال التحف، يكثرون من شراء رسومات وصور المسجد الحرام والمسجد النبوي، والملابس التراثية". حرص على شراء"السبح" يحرص الحجاج والزائرون القادمون إلى مكةالمكرمة لأداء فريضة الحج، على حمل الهدايا المعبرة عن هذه المناسبة، تسجيلاً لذكراها لدى أقربائهم أو أصدقائهم عند وصولهم. ومن الهدايا البارزة لدى الباعة في أسواق مكةالمكرمة والمدينة المنورة، التي يقبل على شرائها الحجاج بشكل دائم ومستمر، السبح والسجاد بأشكالهما وأحجامهما وأنواع العطور والبخور. ويقدم الحجاج على شراء السبح في مثل هذه الأيام بشكل مكثف وبكميات كبيرة، خصوصاً الأنواع الشعبية رخيصة الثمن. وتعتبر صناعة السبح في مكةالمكرمة حرفة قديمة جداً، وكان كل حي من الأحياء يشتهر بصناعة نوع أو فن معين من السبح، لكن ورش صناعتها انقرضت أو اختفت، وحلت بديلاً منها الصناعات الخارجية من دول عدة، مثل: مصر، تركيا، إيران، تايوان، الفيليبين، الصين، التشيك، السلوفاك، ألمانيا وتتفاوت أسعار السبح من ريال واحد إلى 30 ألف ريال، وتتكون صناعة السبح من الصندل والعقيق والياقوت والزفير والزمرد وحتى من البلاستيك والزجاج. ويعتبر شهر رمضان موسم بيع السبح الثمينة، وعلى العكس من ذلك، فإن موسم الحج يزداد فيه بيع السبح الشعبية والرخيصة بكميات كبيرة جداً. أنواع السبح كثيرة ومتعددة، فهناك الشعبية مثل"اليسر"وكانت تصنع في مكةالمكرمة، أما الآن، فهي تصنع في مصر، ومادتها الخام من اندونيسيا، وهناك"الكهرمان"و"العاج"و"الكوك"، وتصنع الأولى في ألمانيا والثانية في مصر وتركيا، وتجلب مادتها من أفريقيا، والأخيرة من تركيا.